الأمرين، فهل هو تفويت للمال أم لا؟
على وجهين، ويتفرع عليهما مسائل تتعلق
بالقاتل العبد، مما لا حاجة لسردها بعد إلغاء الزنى وزواله من التطبيق.
القاعدة الثانية: في العفو عن القصاص، وله ثلاثة أحوال:
أحدها: أن يقع العفو عنه إلى الدية، وفيه طريقتان:
إحداهما ثبوت الدية على الروايتين.
والثانية: بناؤه على الروايتين.
فإن قلنا: موجبه أحد الشيئين، ثبتت الدية.
وإلا لم يثبت شيء بدون تراضِ منهما.
ويكون القود باقياً بحاله؛ لأنه لم يرضَ بإسقاطه إلا بعوض، ولم يحصل له.
الحالة الثانية: أن يعفو عن القصاص، ولا يذكر مالاً، فإن قلنا: موجبه
القصاص عيناً، فلا شيء له، وإن قلنا: أحد الشيئين، ثبت المال.
الحالة الثالثة: أن يعفو عن القود إلى غير مال مصرحاً بذلك.
فإن قلنا: الواجب القصاص عيناً، فلا مال له في نفس الأمر.
وقوله هذا لغو، وإن قلنا: الواجب أحد
شيئين، سقط القصاص والمال جميعاً.
فإن كان ممن لا تبرع له، كالمفلس والمحجور عليه والمريض فيما زاد عن الثلث والورثة، مع استغراق الديون للتركة، فوجهان، أحدهما: لا يسقط المال بإسقاطهم، وهو المشهور، لأن المال وجب بالعفو عن القصاص، فلا يمكنهم إسقاطه بعد ذلك، كالعفو عن دية الخطأ.
والثاني: يسقط، وهو المنصوص عليه؛ لأن المال لا يتعين بدون اختياره له أو إسقاط القصاص وحده، أما إن أسقطهما في كلام واحد متصل، سقطا جميعاً من غير دخول المال في ملكه، ويكون ذلك اختياراً
منه لترك التملك، فلا يدخل المال في ملكه.
إذا تقرر هذا، فهل يكون العفو تفويتاً للمال؟
إن قلنا: الواجب القود عيناً، لم يكن العفو تفويتاً للمال، فلا يوجب ضماناً، وفي قول: يجب الضمان، وفي قول: على وجهين.