للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فيجب دفع المفاسد كلها ما أمكن، فإن عرضت المفاسد، ولا يمكن دفعها كلها، فيجب اختيار المفسدة الأخف، وارتكابها، ودفع المفسدة الأعظم والأشد، ومراعاة أعظم المفسدتين تكون بإزالته، لأن المفاسد تراعى نفياً، والمصالح تراعى إثباتاً، لأن مقصود الشريعة تعطيل المفاسد وتقليلها بحسب الإمكان، واختيار المفسدة الأخف ضرراً تساعد على تجنب الأشد ضرراً، لأن مباشرة المحظور لا تجوز إلا للضرورة، ولا ضرورة في حق الزيادة.

قال ابن النجار الفتوحي:

"فدرء العليا منهما أولى من درء غيرها، وهذا واضح، يقبله كل عاقل، واتفق عليه أولو العلم ".

ومستند هذه القاعدة قوله تعالى:.

(يَسْأَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرَامِ قِتَالٍ فِيهِ قُلْ قِتَالٌ فِيهِ كَبِيرٌ وَصَدٌّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَكُفْرٌ بِهِ وَالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَإِخْرَاجُ أَهْلِهِ مِنْهُ أَكْبَرُ عِنْدَ اللَّهِ وَالْفِتْنَةُ أَكْبَرُ مِنَ الْقَتْلِ) .

فبين تعالى أن مفسدة أهل الشرك من الكفر بالله، وسبيل هداه، والصد عن المسجد الحرام، وإخراج أهله منه، وفتنة المؤمنين بالسعي لإرجاعهم إلى الشرك، أعظم من مفسدة قتال المشركين في

الشهر الحرام، فاحتملت أخف المفسدتين لدفع أعظمهما، كقاعدة

"يختار أهون الشرين " (م/ ٢٩) ، فيجوز ارتكاب إحدى المفسدتين لدفع أعلاهما.

ودليلها أيضاً حديث بول الأعرابي في المسجد، ونهي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يُزْرموه، لأن ذلك ضرر أعظم من تطهير محل البول.

التطبيقات

نفس تطبيقات قاعدة " يختار أهون الشرين " (م/ ٢٩)

وهي كثيرة، منها:

١ - جواز أخذ الأجرة على ما دعت إليه الضرورة من الطاعات كالأذان والإمامة وتعليم القرآن والفقه.

(الزرقا ص ٢٠١) .

<<  <  ج: ص:  >  >>