الحاجة مستمراً، وحكم الضرورة مؤقتاً بمدة قيام الضرورة؛ إذ الضرورة تقدر بقدرها" (م/ ٢٢) .
ومعنى كونها عامة: أن يكون الاحتياج شاملاً جميع الأمة.
ومعنى كونها خاصة: أن يكون الاحتياج لطائفة منهم، كأهل بلد، أو حرفة، وليس المراد من كونها خاصة أن تكون فردية إلا نادراً.
وكيفما كانت الحاجة فالحكم الثابت بسببها يكون عاماً بخلاف الحكم الثابت
بالعرف والعادة، فإنه يكون مقتصراً وخاصاً بمن تعارفوه، وتعاملوا عليه.
واعتادوه؛ وذلك لأن الحاجة إذا مست إلى إثبات حكم تسهيلاً على قوم لا يمنع ذلك من التسهيل على آخرين، ولا يضر، بخلاف الحكم الئابت بالعرف والعادة، فإنه يقتصر على أهل ذلك العرف؛ إذ ليس من الحكمةِ إلزام قوم بعرف آخرين وعادتهم ومؤاخذتهم بها.
ومعنى هذه القاعدة أن التسهيلات الاستثنائية في الشرع لا تقتصر على حالات الضرورة الملجئة، بل تشمل التسهيلات حاجات الجماعة أيضاً مما دون الضرورة.
ولكن إنما يضاف الحكم إلى الحاجة فيما يظهر إذا كان تجويزه مخالفاً للقياس، وإلا كانت إضافته للقياس أولى، ويدخل تحت الأصل والحكم العام.
والظاهر أن ما يجوز للحاجة إنما يظهر فيما ورد فيه نص يجوزه، أو تعامل، أو لم يرد فيه شيء منهما، ولكن لم يرد فيه نص يمنعه بخصوصه، وكان له نظير في الشرع يمكن إلحاقه به، وجعل ما ورد في نظيره وارداً فيه.
كما في بيع الوفاء، فإن مقتضاه عدم الجواز؛ لأنه إما من قبيل الربا؛ لأنه انتفاع بالعين بمقابلة الدين، أو صفقة مشروطة في صفقة، كأنه قال: بعته منك بشرط أن تبيعه مني إذا جئتك بالمن، وكلاهما غير جائز، ولكن لما مست الحاجة إليه في بخارى بسبب كثرة الديون على أهلها جوز ذلك على وجه أنه رهن أبيح الانتفاع بثمراته ومنافعه كلبن الشاة وثمر الشجرة، والرهن على هذه الكيفية جائز.
أو كان الفعل لم يرد فيه نص يجوِّزه، أو تعامل، ولم يرد فيه نص يمنعه، ولم يكن له