١٦٤ وخبره مع بلقيس مشهور ويذكر أنّه تزوّجها، ويقال إنّه إنّما أنكحها من تبّع ملك همدان فردّها إلى اليمن ولم يزل زوجها ملكا باليمن حتّى مات سليمان صلّى الله عليه وسلم. ولمّا غلب سليمان والد جرادة وقتله الملك واصطفى جرادة كانت من أجمل الناس، فأحبّها سليمان حبّا شديدا، وكانت لا تزال تبكي أباها، فوجد لذلك سليمان وجدا شديدا حتّى سألته أن يأمر الجنّ فيصوّروا لها صورة أبيها فلعلّها تسكن. فأمر سليمان الجنّ بذلك فعمدت إلى الصورة فلبّستها وعمّمتها وجعلت تسجد لها هي وولائدها غدوة وعشية. وبلغ ذلك آصف وكان صديقا، فأعلم سليمان فكسّر الصنم وعاقب المرأة. فسلبه الله خاتمه عقوبة. وقد ذكرنا الحديث بطوله في أخبار جزائر البحر الأخضر.
١٦٥ وروي أنّ سليمان عليه السلام كان إذا رأى شجرة نابتة بأرض المقدس أو في أرضه يقول لها: ما اسمك ولأيّ شيء أنت؟ فإن كانت لدواء كتبت وعلمت. فبينما هو يمشي إذ رأى شجرة نابتة فقال: ما اسمك؟ فقالت:
الخرّوب. قال: ولأي شيء أنت؟ قالت: لخراب هذا البيت. فقال سليمان: اللهمّ عمّ على الجنّ موتي حتّى تعلم الإنس أنّ الجنّ لا يعلمون الغيب. فنحت الخرّوب وأخذ منها عصا وتوكّأ عليها ميّتا حولا كاملا، فأكلت الأرضة العصا حتّى خرّ سليمان. فلمّا خرّ سليمان شكرت الجنّ الأرضة فهي تأتيها بالماء والطين وتنقل إليها الطين حيث كانت وقال: ألم تر إلى الطين الذي يكون في جوف الخشب؟ هو ممّا يأتيها به.
١٦٦ وكان جميع عمر سليمان نيّفا وخمسين سنة، اثنتين وخمسين سنة، وبعد أربع من مملكته ابتدأ ببناء بيت المقدس. قال: وكانت مملكته أربعين سنة،