ثمرها وورقها إلى الإسكندر، فضرب حاملو ذلك ووقعت عليهم آثار السّياط ولا يرون من يضربهم وصيح بهم: ردّوا ما أخذتم من هذه الشجرة ولا تقرضوها فتهلكوا. فأقرّوا ذلك وركبوا مركبهم ذاهبين.
ودخل الإسكندر جزيرة العبادة فوجدها قفارا لا تنبت شيئا غير الحشيش، وفيها غدران ماء، ووجدوا قوما قد نهكتهم العبادة وصاروا كالحمم «١» سوادا. فوقف بهم فسلّم عليهم «٢» فردّوا عليه فقال: ما عيشتكم في فلاتكم هذه؟ قالوا: ما يأتينا من رزق ربّنا من سماك البحر وأصول النبت وشرب ماء هذه الغدران. قال: أفلا أنقلكم إلى موضع أخصب من هذا؟
فقالوا: وما نصنع به؟ إنّ عندنا في جزيرتنا هذه ما نغني [عن] جميع العالم. وانطلقوا به إلى بلاد تتلألأ بأنواع الجواهر واليواقيت فوق ما تتوهّمه النفوس ويجري على الأفكار، وأخرجوه من ذلك إلى أرض عريضة وبساتين عجيبة فيها من أصناف الثمار والفواكه ما لا يوجد مثله في بلد من البلدان وقالوا له: أتصل أنت إلى مثل هذا؟ قال: لا والله. قالوا: هذا بين أيدينا وفي تمليك الله عزّ وجلّ لنا، ما نلتفت إلى شيء منه، وإنّا لنؤثر الحشيش على هذه الفواكه. فذهب من كان مع الإسكندر ليأخذ من ذلك الجوهر فمنعهم وودّع أهل الجزيرة وانصرف إلى مراكبه ممتلئا عجبا فيهم.
[[ذكر الأخبار عن انتقال البحار]]
٣٢٩ ذكر صاحب المنطق أنّ موضع البرّ قد يكون بحرا وموضع البحر قد يكون برّا. قال: وليس مواضع الأرض الرطبة أبدا رطبة ولا اليابسة أبدا يابسة.