٨١٨ وولّوا على أنفسهم ابن الجواري وأمدّتهم مراكب من إفريقية فيها رجل يسمّى عمروس، فخرج إليهم قسطنطين صاحب صقلّية وهو نازل بلرمه «١» في عسكر جرّار، فحفر لهم المسلمون حفرا وغيّبوها بالكلإ والعشب، ثمّ استطردوا لهم عند اللقاء «٢» حتّى تساقطوا في تلك الحفر، فكان ممّن سقط منهم «٣» قسطنطين وابنه. فأسر قسطنطين وقد أثخن جراحا، ففدي من المسلمين بفداء جزيل، فأحمله أهله فمات بالحمة، فحملوه ودفنوه بمرسى الطين وبنوا على قبره الكنيسة الّتي بالمرسى.
وكان بعد ذلك فيها ولايات كثيرة وحروب مع الروم يطول ذكرها.
[ذكر جزيرة مالطة]
٨١٩ ومن الجزائر المشهورة الّتي تلي صقلّية جزيرة مالطة في القبلة منها بينهما مجرى واحد وفيها مراس منشأة «٤» للسفن، وأشجارها الصنوبر [والعرعر والزيتون، وطولها ثلاثون ميلا، وفيها مدينة من بنيان الأوّل. وكان يسكنها الروم. وغزاها خلف الخادم مولى زيادة الله بن إبراهيم عند قيام أبي عبد الله محمّد بن أحمد ابن أخي زيادة الله على يد أحمد بن عمر بن عبد الله بن الأغلب، وهو الّذي شقى في أمرها. وخلف هذا هو المعروف ببناء المساجد والقناطر والمواجل، فحاصرها ومات وهو محاصر لها. فكتبوا إلى أبي عبد الله بوفاته، فكتب أبو عبد الله إلى عامل جزيرة صقلّية، وهو محمّد بن خفاجة، أن يبعث إليهم واليا، فبعث إليهم سوادة بن محمّد، ففتحوا حصن مالطة