للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فاستعظمه وأمرهم أن يحفروا زبية «١» في الموضع الّذي كان يدخل منه ويغطّوا «٢» أعلاه بالحشيش ويرقّبوه ليالي (تباعا، ففعلوا) «٣» . فلمّا كان بعد ليال أقبل على عادته فتردّى في الزبية فبدروا فغلبوه بكثرتهم وترديه، فإذا هي امرأة سوداء عظيمة الخلق مفرطة الطول والعرض لا يفقه منها كلمة.

فكلّموها بكلّ لسان علم هناك فلم تجاوب منهم أحدا، فبقيت عندهم أيّاما يأتمرون في أمرها، ثمّ اتّفقوا على إرسالها وركوب «٤» الخيل والنجب في أثرها إلى أن يقفوا منها ومن موضعها على حقيقة خبر. فلمّا أرسلت لم يكن طرف العين يلحقها وفاتت شأو النجب والخيل ولم يقف أحد من أمرها على حقيقة.

ويذكرون أنّ هناك رمالا عظيمة تعرف بالجزائر كثيرة النخل والعيون لا عمران فيها ولا أنيس بها وأنّ عزيف الجنّ يسمع بها الدهر كلّه. وربّما أقام بها غزاة السودان ولصوصهم لانتهاز الفرصة في المسلمين، ويتكادس التمر هناك أعواما لا يقع عليه أحد ولا يبلغ إليه حتّى ينتجعه الناس في السنين الجدبة وعند الحاجة والضرورة.

[الطريق من مدينة أطرابلس إلى قابس]

١١١٢ من أطرابلس إلى صبرة، وهو بلد معمور يسكنه زواغة، ثمّ الطريق من صبرة على ما تقدّم قبل هذا عند ذكر الطريق إلى القيروان «٥» . ومدينة قابس مدينة جليلة مسوّرة بالصخر الجليل من بنيان الأوّل ذات حصن حصين وأرباض وأسواق وفنادق وجامع سري وحمّامات كثيرة، وقد أحاط بجميعها خندق كبير يجرون إليه الماء عند الحاجة فيكون أمنع شيء. ولها ثلاثة أبواب بشرقيّها وقبليّها أرباضها، ويسكنها العرب والأفارق، وفيها جميع الثمار

<<  <  ج: ص:  >  >>