١١٩ وأمّا نمرود صاحب إبراهيم فعذبه الله بأضعف خلقه ببعوضة توغّلت في خياشيمه، فمكث أربعمائة عام، أربعين عاما يعذّب في حياته، وكان يضرب رأسه بالمطارق وأرحم الناس عنده من جمع يديه فضرب بهما رأسه. وهو الذي جوّع الأربعة الأنسر وقرنهنّ بالتّابوت، فلم يزل يرفع اللحم حتّى وقع في ظلمة لا يرى ما فوقه ولا ما تحته، ففزع وألقى اللحم وانقضّت النسور وكان طيرانهنّ من بيت المقدس وسقوطهنّ بجبل الدخان. وذلك قول الله سبحانه وتعالى: وَقَدْ مَكَرُوا مَكْرَهُمْ وَعِنْدَ اللَّهِ مَكْرُهُمْ
الآية «١» . ثم أخذ بعد ذلك في بنيان الصّرح، فبنى حتّى إذا ظنّ أنّه أسنده إلى السماء ارتقى فوقه ينظر- بزعمه- إلى إله إبراهيم، فَأَتَى اللَّهُ بُنْيانَهُمْ مِنَ الْقَواعِدِ فَخَرَّ عَلَيْهِمُ السَّقْفُ مِنْ فَوْقِهِمْ وَأَتاهُمُ الْعَذابُ مِنْ حَيْثُ لا يَشْعُرُونَ
«٢» . فيقال: عند ذلك تبلبلت ألسن الناس من الفزع، فتكلّموا بثلاثة وسبعين لسانا، فلذلك سمّيت بابل، وإنّما كان لسان الناس قبل [ذلك] بالسريانيّة.
إسماعيل بن إبراهيم عليهما السّلام
١٢٠ وتزوّج إسماعيل بعد التي أمره أبوه بطلاقها أسيدة ابنة مضاض بن عمرو الجرهمي، وهي التي رضي عنها أبوه، فولّدت لإسماعيل اثني عشر ذكرا:
نابت بن إسماعيل- ويقال نبت، وقيدور، ونبت هو بكره «٣» . وبعث الله عزّ وجلّ إسماعيل إلى العماليق وقبائل اليمن. وقيل إنّه لمّا حضرته الوفاة أوصى إلى أخيه إسحاق، وقيل إلى آبنه قيدور، وزوّج آبنته من عيصو بن