٢٢٣ قال أبو عبيد: فأمّا مذاهب العرب وغيرها في عبادة الأصنام على صور الملائكة، فعبدوها وقّربوا إليها القرابين. وذهبت فرقة إلى أنّ الكواكب أقرب الأجسام في المرتبة إلى الله وأنّها حيّة ناطقة «١» وأنّ الملائكة تختلف فيما بين الله عزّ وجلّ وبينها، وأنّ كلّ ما يحدث في العالم فإنّه على قدر ما تجري به الكواكب، وقرّبوا لها القرابين لتنفعهم. فلمّا رأوها تخفى بالنهار وفي بعض أوقات الليل وبعض الأزمان جعلوا لها أصناما وتماثيل على صورها، وبنوا لذلك البيوت والهياكل وسمّوها بأسماء الكواكب الى أنّهم إذا عظموا من ذلك شيئا تحرّكت لهم «٢» الأجسام العلوية بكلّ ما يريدون. فيقول الله عزّ وجلّ حكاية عنهم: ما نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونا إِلَى اللَّهِ زُلْفى، إِنَّ اللَّهَ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ
الآية «٣» .
ذكر معبودات العرب وعلّة عبادتهم للأصنام
٢٢٤ قال: وذكر أنّ ابتداء عبادة العرب الأصنام هو أنّ عمرو بن لحي «٤» خرج من مكّة إلى الشّام، فلمّا قدم مأرب من أرض البلقاء، وبها يومئذ العماليق، رآهم يعبدون الأصنام، فسألهم فأعلموه أنّهم يستمطرون بها ويستنصرون بها فتنصرهم «٥» . فسألهم إيّاها فأعطوه هبل صنم، فقدم به مكّة فنصبه وأمر بعبادته. وقيل: أوّل ما كانت عبادة الحجارة في بني إسماعيل لأنّ الرجل