١١٣٦ وهي من القيروان على أربعة أميال، ودورها أربعة وعشرون ألف ذراع (وأربعون ذراعا)«٢» ، وأكثرها بساتين وليس بإفريقية أعدل هواء ولا أرقّ نسيما ولا أطيب تربة من مدينة رقّادة، ويذكر أنّ من دخلها لم يزل ضاحكا مستبشرا من غير سبب. وذكروا أنّ أحد بني الأغلب «٣» أرق وشرد عنه النوم أيّاما، فعالجه إسحاق الّذي ينسب إليه اطريقل إسحاق فلم ينم، فأمر بالخروج والمشي، فلمّا وصل إلى موضع رقّادة نام، فسمّيت من يومئذ رقّادة واتّخذت «٤» دارا ومسكنا وموضع فرجة «٥» للملوك «٦» .
١١٣٧ والّذي بنى مدينة رقّادة واتّخذها دارا ووطنا إبراهيم بن أحمد وانتقل إليها من مدينة القصر القديم وبنى بها قصورا عجيبة وجامعا، وعمرت بالأسواق والحمّامات والفنادق ولم تزل بعد ذلك دار ملك لبني الأغلب إلى أن هرب عنها زيادة الله من أبي عبد الله الشيعي. وسكنها عبيد الله إلى أن انتقل إلى المهدية سنة ثمان وثلاثمائة. وكان ابتداء تأسيس إبراهيم لها سنة ثلاث «٧» وستّين ومائتين. فلمّا انتقل عنها عبيد الله إلى المهدية دخلها الوهن وانتقل عنها ساكنوها، ولم تزل تخرب شيئا بعد شيء إلى أن ولي معدّ بن إسماعيل، فخرب ما بقي منها وعفا أثرها وحرث «٨» منازلها ولم يبق منها غير بساتينها.
ولمّا بناها إبراهيم بن أحمد وجعلها داره منع بيع النبيذ بمدينة القيروان وأباحه بمدينة رقّادة. فقال بعض ظرفاء أهل القيروان [منسرح] :
يا سيّد الناس وابن سيّدهم ... ومن إليه الرقاب منقادة
ما حرّم الشرب «٩» في مدينتنا ... وهو حلال بأرض رقّادة