بياضة إلى مدينة نفطة «١» مرحلة، إلى مدينة توزر مرحلة، إلى مدينة نفزاوة مرحلة. ومن نفزاوة تسير إلى بلاد قسطيلية وبينهما أرض سوّاخة لا يهتدى الطريق «٢» فيها إلّا بخشب منصوبة، وأدلّاء تلك الطريق بنو موليت لأنّ هناك ظواعينهم، فإن ضلّ أحد يمينا أو شمالا غرق في أرض دبياس «٣» تشبه في الرطوبة بالصابون، وقد هلكت فيها العساكر والجماعات ممّن دخلها ولم يدر أمرها. (وتسمّى هذه الأرض بالسوّاخة)«٤» ، وتصل هذه الأرض السواخة إلى مدينة (غواسين، وقيل إلى مدينة)«٥» غدامس.
ذكر بلاد قسطيلية «٦»
١١٩٠ فأمّا بلاد قسطيلية فإنّ من مدنها توزر والحمّة «٧» ونفطة، وتوزر هي أمّها وهي مدينة كبيرة عليها سور مبني بالحجر والطوب ولها جامع محكم البناء وأسواق كثيرة، وحولها أرباض واسعة آهلة، وهي مدينة حصينة لها أربعة أبواب (كثيرة النخل والبساتين والثمار إلّا أنّ قصب السكر واللوز) لا يصلحان بها. وحولها سواد عظيم من النخل، وهي أكثر بلاد إفريقية تمرا ويخرج منها في أكثر الأيّام ألف بعير موقورة تمرا وأزيد. شربها من ثلاثة أنهار تخرج من رمال كالدرمك «٨» رقّة وبياضا، يسمّى ذلك الموضع بلسانهم شرش «٩» . وإنّما تنقسم هذه الثلاثة الأنهار بعد اجتماع مياه تلك الرمال بموضع يسمّى وادي الجمال يكون قعر النهر هناك نحو مائتي ذراع، ثمّ ينقسم كلّ نهر من هذه الأنهار الثلاثة على ستّة جداول وتتشعّب من تلك الجداول سواق لا تحصى كثرة تجري في قنوات مبنيّة بالحجر «١٠» على قسمة عدل لا