٦٩٥ وصلّى الله على أكرم الأنبياء وخيرة الأصفياء وخاتم الأتقياء، الّذي اختاره الله من أهل الأرض والسّماء، محمّد بن عبد الله النبي الأمّي الهاشمي المدني المكّي، وعلى آله وأزواجه وذرّيته إلى يوم الدّين، وعلى جميع الأنبياء والمرسلين، ورضي الله عن أصحاب رسول الله أجمعين، وسلام الله على سائر الصالحين.
[ذكر نزول اليهود يثرب وما حولها ومن معهم من العرب قبل الأوس والخزرج]
٦٩٦ قد ذكرنا فيما سلف من هذا الكتاب أنّ أمّة من العماليق تسمّى داسما نزلوا الحجاز، وكان ملكهم يقيما ويقال له الأرقم ابن أبي الأرقم، كذلك روي عن عروة بن الزّبير وغيره، فسكنوا مكّة والمدينة والحجاز كلّه وعتوا عتوّا كبيرا.
فلمّا أظهر الله عزّ وجلّ موسى على فرعون وأهلكه وجنوده وطئ الشّام وأهله وأقام بها، وبعث بعثا من بني اسرائيل إلى الحجاز وأمرهم أن لا يستبقوا منهم أحدا. فوجدوا الأرقم بن أبي الأرقم فقتلوه وأصابوا ابنا له شابّا من أحسن الناس صورة، فلم يقتلوه وقالوا: نستحييه حتّى نقدم به على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - - يعنون موسى- فيرى فيه رأيه. فأقبلوا، فقبض الله عزّ وجلّ موسى قبل قدوم الجيش. ولمّا سمع بقدومهم بنو إسرائيل خرجوا إليهم وتلقّوهم وسألوهم، فأخبروهم بأمر الصّبي وقالوا لهم: قد خالفتم وعصيتم أمر نبيّكم، ومنعوهم دخول بلدهم وحالوا بينهم وبين الشام. وكان الحجاز إذ ذاك أكثر بلاد الله شجرا وأظهرها ماء. (فكان هذا أوّل سكنى اليهود