٢١٥ أمّا الكهانة فلم تخل «١» أمّة إلّا قد كانت فيها كهانة، وهي من الأمور المثبوتة غير المرفوعة في جميع الأمم. فزعم اليونانيّون أنّ النفس إذا صفت اطّلعت على أسرار الطبيعة وما تريد «٢» أن يكون منها، لأنّ ظهور الأشياء عندهم في النفس الكلّيّة، ولذلك كان فيتاغورس «٣» يعلم علوما من الغيب وضروبا من الوحي، وهم يعرفون هذه الطائفة بالروحانية. وهذه علّة النبوّة عند الصّابئة، ولذلك كان عندهم هرمس وأورياسيس «٤» وغيرهما أنبياء.
وذهبت طائفة [إلى] أنّ سبب الكهانة الوحي الفلكي وأنّ ذلك في المولد عند ثبوت عطارد على شرفه. وكان سائر الدراري في عقود «٥» متساوية وأرباع «٦» متكافية ومناظر متوازية «٧» ، فيجب حينئذ لصاحب المولد التكهّن. وذهب كثير إلى أنّ كون ذلك في القرانات الكبار ولعلل ذكروها، وادّعى قوم أنّ الأرواح المنفردة «٨» من الجنّ تخبرهم بالأشياء قبل كونها وأنّ أرواحهم لمّا صفت صارت لتلك الأرواح من الجنّ موافقة. وقول الشرعيّين إنّ الشياطين تسترق السّمع وتلقيه على ألسنة الكهّان. وزعم كثير ممّن تقدّم أنّ النفس إذا هي قويت وزادت قهرت الطبيعة وغلب القسم النفسي القسم الجسدي، فأباحت للإنسان كلّ سرّ لطيف وخبّرته بكلّ معنى شريف.
٢١٦ ولذلك وجد الكهّان من نقصان الجسم وتشويه الخلق ما يوجدون عليه كشقّ