[واحدا] ، فضيعة رجل واحد منكم أيسر من ضيعة ركب جميعا. قالوا:
نعم ما أمرت به. فقام كلّ واحد منهم وحفر حفرة، ثمّ قعدوا ينتظرون الموت عطشا.
ثمّ إنّ عبد المطّلب قال لأصحابه: ما إقامتنا هكذا للموت ألا نضرب في الأرض ونبتغي لأنفسنا مخرجا، فعسى الله أن يرزقنا ماء. وارتحلوا وقبائل قريش تنظر إليهم ما هم فاعلون، حتّى إذا تقدّم عبد المطّلب إلى راحلته، فلمّا انبعثت به انفجرت من تحت خفّها عين ماء عذب. فكبّر عبد المطّلب وكبّر أصحابه، ثمّ نزل وشرب وشربوا واستقوا حتّى ملّوا أسقيتهم، ثمّ دعا القبائل من قريش فقال: هلمّوا إلى الماء، فقد سقانا الله، فاشربوا واستقوا. فجاؤوا وشربوا واستقوا فقالوا: قد والله قضى [الله] لك علينا، والله لا نخاصمك في زمزم أبدا، فارجع إلى سقايتك راشدا. فرجع ورجعوا معه ولم يصلوا إلى الكاهنة وخلّوا بينه وبين زمزم.
ذكر المنبر الّذي اتّخذه معاوية
٦٦٧ وقد كان من مضى يخطبون النّاس يوم الجمعة بمكّة على أرجلهم قياما حتّى اتّخذ معاوية منبرا صغيرا على ثلاث درجات قدم به من الشام سنة حجّ. ثمّ صنع الخلفاء بعده [منبرا] أحكمت صناعته مفصّلا قطعا، وكان في خزانة المسجد، فإذا كان عيد أو جمعة أخرج المنبر أعوادا مفرّقة ونصب ما بين باب البيت والركن الشامي فيما يقابل المقام وأسند إلى جدار البيت، فيصعد الإمام يخطب عليه. وكذلك إذا ورد على صاحب مكّة كتاب من الخليفة نصب وقرئ عليه الكتاب.
فلمّا كانت سنة أربع وتسعين وثلاثمائة تكسّر ذلك المنبر في المسجد الحرام، وكان سبب كسره أنّ صاحب مصر الملقّب بالحاكم الحسن بن نزار بن معد أرسل إلى صاحب مكّة أبي الفتوح الحسن بن جعفر الحسني- قال القاضي