للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال: ثمّ ذهب عنّي، فلمّا كان من الغد رجعت إلى موضعي فنمت فيه فجاءني فقال: احفر برّة. قال: قلت: وما برّة؟ قال: ثمّ ذهب عنّي، فلمّا كان من الغد رجعت إلى مضجعي فنمت فجاءني فقال: احفر زمزم.

قال: قلت: وما زمزم؟ قال: لا «١» تنزف أبدا ولا تدم تسقي الحجيج الأعظم، وهي بين الفرث والدم عند نقر الغراب الأعصم «٢» عند قرية النمل. قال: فلمّا بيّن له شأنها ودلّ على موضعها [وعرف أنّه قد صدق غدا بمعوله ومعه ابنه الحارث بن عبد المطّلب ليس له يومئذ ولد غيره فحفر، فلمّا بدا لعبد المطّلب الظمى كبّر فعرفت قريش حاجته فقاموا إليه] «٣» فقالوا: يا عبد المطّلب «٤» إنّها بئر إسماعيل إنّ لنا فيها حقّا، فأشركنا معك فيها. قال:

ما أنا بفاعل، إنّ هذا الأمر خصصت به دونكم. فقالوا: إنّا غير تاركيك [حتّى] نخاصمك فيها. قال: فاجعلوا بيني وبينكم من شئتم [أحاكمكم إليه] «٥» . قالوا: كاهنة بني سعد بن هذيم. قال: نعم. وكانت بأشراف الشام.

٦٦٦ فركب عبد المطّلب ومعه أشراف بني أميّة وبني عبد مناف وركب من كلّ قبيلة من قريش نفر، والأرض إذ ذاك مفاوز. قال: فخرجوا حتّى إذا كانوا في بعض الطريق في تلك المفاوز بين الحجاز والشام، فنى ماء عبد المطّلب وأصحابه وظمئوا حتّى أيقنوا بالهلكة، فاستسقوا من معهم من قبائل قريش، فضنّوا عنهم وأبوا من سقيهم وقالوا: إنّا بمفازة ونحن نخشى على أنفسنا مثل ما أصابكم. فلمّا رأى عبد المطّلب ما صنع القوم قال لأصحابه: ماذا ترون؟ قالوا: ما رأينا إلّا تبع لرأيك، فمرنا بأمرك.

قال: فإنّي أرى أن يحفر كلّ رجل منكم حفرة لنفسه بما بكم الآن من القوّة، فكلّما مات رجل دفنه أصحابه وواروه حتّى يكون آخركم رجلا

<<  <  ج: ص:  >  >>