منهم كان إذا ظعن من مكّة حمل مع نفسه حجرا من حجارة الحرم تعظيما للحرم، فحيثما نزل طاف به كالكعبة حتّى خلفت الخلوف ونسوا ما كانوا عليه وصاروا يعبدون ما استحسنوه من الحجارة، فعبدوا الأوثان وصاروا إلى ما كانت عليه الأمم قبلهم من الضلالة.
٢٢٥ فقد كانت لقوم نوح أصنام يعكفون عليها كما قال الله عزّ وجلّ. وقيل: علّة ذلك أنّ إسافا ونائلة كانا رجلا «١» وامرأة من جرهم، فجرا في الكعبة فمسخهما الله. وذكرت علّة رابعة: أنّ أوّل صنم عبد من دون الله ودّ، وذلك أنّ ودّا رجل مسلم من أهل بابل، وكان محبّبا في قومه. فلمّا مات عسكروا حول قبره في أرض بابل وجزعوا عليه. فلمّا رآى إبليس جزعهم عليه تشبّه في صورة إنسان وقال: أرى جزعكم على هذا الرجل، فهل لكم في أن أصوّر لكم مثله فيكون في ناديكم فتذكرونه؟ قالوا: نعم. فصنع لهم تمثالا جعلوا يقبلون عليه ويذكرونه حتّى اتّخذ كلّ واحد منهم تمثالا مثله في منزله يعظّمه ويتبرّك به، ثمّ تناسلوا على ذلك.
القول في البيوت المعظّمة في الجاهلية
٢٢٦ وقد ذهب قوم إلى أنّ البيت الحرام هو بيت زحل، ولذلك طال مقامه معظّما على مرور الدهور لأنّ زحل من شأنه البقاء والثبوت. وذكروا أمورا أعرضنا عن ذكرها منها استعمال التفث والشّعث عند حجّه وغير ذلك.