أساطين وطيقان رخام قد بني خلالها «١» بالصخر الجليل بأحكم عمل.
ويذكر أنّ باني هذا السور شنتيان «٢» غلام نمرود «٣» ، وقد زبر «٤» عليه اسمه وهو مقروء فيه إلى اليوم، وسورها كأنّما قد فرغ من عمله بالأمس.
وداخل مدينة قفصة عينان نضّاختان تنبعان بنهرين خرّارين يسقيان بساتينها ومزروعاتها «٥» ، وفي داخل جامعها عين كبيرة مبنية بالصخر من بنيان الأوّل أربعون باعا «٦» في مثلها. وقفصة أكثر بلاد القيروان فستقا ومنها ينتشر بإفريقية ويحمل إلى مصر والأندلس وسجلماسة. وبها تمر مثل بيض الحمام وهي تمير القيروان بأنواع الفواكه والتمر. وحولها أكثر من مائتي قصر عامرة آهلة تطّرد فيها وحواليها المياه تعرف بقصور قفصة. وجباية قفصة خمسون ألف «٧» دينار. ومن قصور قفصة مدينة طراق «٨» وهي في منصف الطريق من قفصة إلى فجّ الحمار «٩» وأنت تريد القيروان. ومدينة طراق كبيرة آهلة بها جامع وسوق حافلة وإليها ينسب الكساء الطّراقي وهو من جهاز «١٠» مصر، وهي كثيرة الفستق.
١١٨٩ وتسير من القيروان إلى مدينة نفزاوة في ستّة أيّام نحو الغرب، ولمدينة نفزاوة عين تسمّى بالبربرية تاورغى وهي عين كبيرة لا يدرك لها قعر. ولمدينة نفزاوة سور صخر وطوب ولها ستّة أبواب وبها جامع «١١» وأسواق حافلة، (وهي على نهر كثير النخل والثمار، وحواليها عيون كثيرة وبقبليّها مدينة أوّلية «١٢» تعرف بالمدينة عليها سور وبها جامع وحمّام وسوق)«١٣» وحولها عيون وبساتين. وبين مدينة نفزاوة وقابس ثلاث مراحل، (وبينها وبين قفصة مرحلتان، وهي على ثلاث مراحل)«١٤» من قيطون بياضة، ومن قيطون