١١١٠ ومن هذا الواح إلى الواحين الخارجين ثلاث مراحل، وهو آخر بلاد الإسلام وبينه وبين بلاد النوبة في صحراء ستّ مراحل. وفي بعض الواحات قبائل من لواتة. وزعموا أنّ في أقصى الواحات بلد يقال له واح صبرو وأنّه بلد لا يقع عليه إلّا من قد ضلّ في الصحراء في النادر من الزمان، فالواقع عندهم يقول إنّه يكون في بلادهم ما شاء وهم في أخصب عيش، فإذا أراد الرجعة أروه صوب بلاده. وقد وقع في هذا البلد من عرب بني قرّة رجمة بن قائد «١» القرّي ورجع إلى موضعه، ثمّ طلبه بعد ذلك فلم يقدر عليه. فأعدّ مقرب بن ماضي أمير بني قرّة بعد عشرين وأربعمائة من الهجرة زادا وماء كثيرا وظهرا وذهب في الصحراء يطلب واح صبرو وبقي يجوّل في الصحراء مدّة فلم يقدر عليها حتّى خاف نفاد الزاد، فكرّ راجعا فنزل ذات ليلة ربوة من الأرض في بهماء تلك الصحاري، فوجد بعض أصحابه في ناحية من تلك الربوة بنيانا للأوّل، فبحثوا عنه «٢» فإذا هو لبن نحاس أحمر محيط بالربوة أساس سور الأوّل، فأوقروا منه جميع ما كان عندهم من الظهر ورحلوا عنه، فلو قدروا على إصابة موضعه لم يفرغ من نقل ما فيه من النحاس إلّا في الزمان الطويل.
١١١١ وأتى مقرّب (في منصرفه)«٣» الواح الخارج، فأخبره رجل من أهله أنّه غدا إلى حائطه. فوجد أكثر تمره قد أكل ووجد أثر قدم إنسان لا يشبه هذا الخلق في العظم، فاحترسه هو وأهله ليالي حتّى طرقهم في بعض الليالي خلق عظيم لم يعهد مثله، وجعل يأكل التمر. فلمّا أهمّوا به وأحسّ بهم بارى «٤» الريح حضرا «٥» ولم يعلموا له أمرا، فنهض معهم مقرب إلى الأثر حتّى وقف عليه،