ببلاد صيمور وبها من المسلمين نحو من عشرة آلاف وذلك سنة أربع وثلاثين وثلاثمائة، وهو يطوف في أسواقهم ومعه جماعة من أهله وقد ظهرت له الناس وقد وضع على رأسه الجمر والكبريت، فيسير وهامته تحترق وروائح دماغه تتضوّع. فلمّا دنا من النار أخذ خنجرا «١» فوضعه على فؤاده فشقّه ثمّ أدخل يده الشّمال فقبض على كبده فجذب منها قطعة وهو يتكلّم فقطعها بالخنجر ودفعها إلى بعض إخوانه تهاونا بالموت ولذّة بالنقلة، ثمّ هوى بنفسه في النار.
زعموا أنّ جزيرة الصنف بينها وبين قمار التي يجلب منها العود القماري مسيرة شهر وبين قمار «٢» ونيومة- وهي الجزيرة التي يكون بها العود الهندي- خمسة أيّام. وذكروا أنّ شجرة العود الطيب تكون بقدر شجر الرّمان إلّا أنّ ورقها مثل ورق الريحان، فما كان منها بين الحجارة فهو العود الطيب يكون رطبا وسائره يكون أجناسا عشرة كلّ جنس لا يشبه الآخر، فمنه ما يكون ورقه مثل ورق الكمثرى والخوخ وذلك في جبل الصنف وتساير في جبل الصنف هذا إذا جئت في البحر بالريح الطيّبة نحو خمسة عشر يوما، وأكثر شجرها عود ومنه عامّة ما يخرج إلى البلاد. واللّكّ فيه كثير أيضا. ومن حيوان هذا الجبل الفيل والكركدّن «٣» .
٢٧٣ ويخرج من هذا بحر الهند خليج يتّصل بأرض الحبشة والزّنج يسمّى البربري طوله خمسمائة ميل وعرضه مائة ميل، وليس في البحار أهول من هذا الخليج وموجه أعمى لا ينكسر ولا يظهر منه زبد ككسر أمواج سائر البحار، يرتفع موجه ارتفاع الجبال الشواهق ثمّ ينخفض كأخفض ما يكون من الأودية، وفيه يكون السّمك المعروف بالأوال طول السّمكة أربعمائة ذراع إلى الخمسمائة ذراع بالذراع العمري وهو ذراع أهل ذلك البحر، وربّما ظهر منه طرف كالشّراع العظيم وينفخ الصعداء بالماء فيذهب الماء في الجوّ أكثر من علوّ سهم