ببحر القلزم يعرف بذنب التّمساح على ميل من مدينة القلزم عليه قنطرة عظيمة يجتازها حاج «١» مصر. فلمّا لم يتأتّ له هذا احتفر خليجا آخر من بحر الرّوم ممّا يلي بلاد تنّيس ودمياط ويعرف هذا الخليج بالزّبر والخبية «٢» ، فاستمرّ الماء في هذا الخليج من بحر الرّوم إلى موضع يعرف بنعنعان «٣» ، فكانت المراكب تدخل من بحر الروم إلى هذه القرية وتدخل من بحر القلزم إلى آخر ذنب التّمساح فيقرب حمل ما في كلّ بحر إلى الآخر، ثمّ ارتدم ذلك على طول الدّهر. وآثار الحفر في هذا الموضع بيّنة.
وقد همّ الرّشيد أن يوصل «٤» ما بين هذين البحرين من أعلى مصبّ النيل من نحو بلاد الحبشة وأقاصي صعيد مصر، فلم يتأتّ له قسمة ماء النيل، فرام ذلك ممّا يلي بلاد الفرما نحو بلاد تنّيس، فقال له يحيى بن خالد: إن تمّ هذا اختطف [الرّوم] الناس من المسجد الحرام ومكّة، فامتنع من ذلك.
وقد أراد عمرو بن العاص رضي الله عنه محاولة هذا عند تولّيه أمر مصر فمنعه عمر بن الخطّاب رضي الله عنه.
٢٨٠ (ويتشعّب من هذا البحر)«٥» خليج ثالث وهو بحر فارس، وطوله ألف وأربعمائة ميل وعرضه في الأصل خمسمائة ميل، وينتهي إلى بلاد الأبلّة «٦» والخشبات وعبادان من أرض البصرة. وخشبات البصرة سمّي الموضع بذلك لأنّها علامات من خشب منصوبة في البحر للمراكب إلى عمان. وهذا أوّل حدّ فارس، وهذا الخليج مثلّث الشّكل تنتهي زاويته بلاد أبلّة، وعليه ممّا يلي الشّرق ساحل فارس وساحل سيراف وساحل كرمان وبلاد مكران، وهي أرض الخوارج، وهذه كلّها أرض نخل «٧» ، ثمّ ساحل الهند وفيه مصبّ