ونجد من بين الجغرافيين الكلاسيكيين ابن خرداذبه وقد ذكر البكري كتابه المسالك والممالك عديد المرات «١» لكن بعض الاشارات تبين انه لا يقتبس منه مباشرة ولكن من خلال ابن رستة.
ويعتمد البكري على الاصطخري وابن حوقل في بعض التفاصيل المتعلّقة بالسند وكرمان وخراسان «٢» ويحيل مرات عديدة على شخص اسمه الجيهاني (فقرات ١٩٠- ٣٦٣- ٣٦٨ ... ) ونحن نعرف ان جغرافيا- يحمل هذا الاسم- قد ألف في القرن الرابع هـ/ العاشر م كتاب المسالك والممالك لا نعلم عنه الا بعض الاستشهادات حفظها مؤلفون متأخرون عنه «٣» ويسمى هذا الجغرافي عادة: أبو عبد الله محمد بن أحمد بينما يذكره البكري مرّة (الفقرة ١٩٠) في شيء من الدقّة فيسميه أبا نصر سعيد بن غالب الجيهاني. وعلى كلّ فإن بعض الاستشهادات توجد عند ابن رسته ولنترك جانبا مشكل العلاقة بين ابن رستة وابن خرداذبة والجيهاني «٤» ولنتساءل هل أن البكري رجع مباشرة الى المصدر أم اقتبس من خلال كتاب آخر وهذه بعض معطيات تسمح باجابة أولية: يذكر البكري الجيهاني على الأقل مرّة واحدة من خلال مصدر آخر يسميه أحمد «٥» فمن المقصود؟ نعلم أن ابن رستة اسمه أحمد ولكن البكري لا يسميه بهذا الاسم قط في المواضع الأخرى فمن المستبعد اذن أن يكون صاحب الاعلاق النفيسة. ويعرف البكري حقّ المعرفة شخصا آخر اسمه أحمد هو العذري شيخه بالمرية فهل من المجازفة أن نفترض أن البكري قد تعرف على الجيهاني من خلال تأليف شيخه الذي يسمى هو أيضا المسالك والممالك؟
ومن المرجح أيضا أن حكاية ابراهيم بن يعقوب التي يذكرها البكري مستمدة من تآليف العذري ومن غير المستبعد أن تكون الكثير من المعلومات التي يوردها، بدون ذكر مصدر، مستمدة من نفس الأصل فيكون العذري بهذه الصورة من