٢٩٤ وقد اختلف النّاس في التنّين، فمنهم من رأى أنّه ريح سوداء تكون في قعر البحر فتظهر إلى الجوّ فتلحق بالسّحاب كالزّوبعة إذا ثارت من الأرض واستدارت وأثارت معها الغبار وهشيم الأرض والنّبات ثمّ ذهبت في الجوّ صعداء، فيتوهّم الناس أنّها حيّات سوداء لسواد السّحاب وذهاب الضّوء وترادف الرّياح. ومنهم من رأى أنّها دوابّ تكون في قعر البحر فتعظم وترعى دوابّ البحر، فيبعث الله عليها ملائكة وسحبا فتخرجها منه، وهي على صورة الحيّة السّوداء لها بريق ولمعان، لا يمرّ ذنبه بشيء إلّا أتى عليه من بناء أو شجر أو جبال، وربّما تنفّس فأحرق الأشجار الكثيرة، فتلقيه السحب في بلاد ياجوج وماجوج. يروي عن ابن عبّاس. وقال قوم إنّها حيّة البرّ تلقيها السّيول في البحر فتعظم وتطول أعمارها فيبقى عمر الواحدة خمسمائة عام.
والفرس تزعم أنّ له رؤوسا سبعة وتسمّيه الأجدهاق. وهذا من الأخبار التي رواها حشوية أصحاب الحديث أنّ قبّة في وسط البحر الأخضر على أربعة أركان من الياقوت الأحمر والأخضر والأصفر والأزرق ينحدر من كلّ ركن من هذه الأركان نهر ينقسم إلى جهات أربع في ذلك البحر غير مخالط ولا ممايع «١» حتّى ينتهي إلى سواحل البرّ، أحدها النّيل والثاني سيحان والثالث جيحان والرّابع الفرات.
٢٩٥ ومنها [أنّ] الملك الموكّل بالبحر يضع عقبه [في] أقاصي بحر الصّين فيفور البحر ويكون المدّ، ثمّ يشيل عقبه فيرجع الماء إلى مركزه. وإن كان كلّ ما ذكرنا عنه ممكنا فإنّه من طريق الأفراد ولم يجيء مجيء التواتر الموجب للعلم والعمل، فإذا صحّت هذه الآثار وجب التسليم والانقياد. وسيأتي ذكر بناء الباب إن شاء الله.