يخترق أرض السّودان ممّا يلي بلاد الزنج ويطيف بأرض النّوبة، فيتشعّب منه خليج يصبّ إلى بحر الزنج، وهو بحر جزيرة قنبلو «١» ، وسنذكرها إن شاء الله. فيخرق البحر أكثر من ميل عذبا حلوا يتكدّر إبّان زيادة النيل وفيه السّوسمار»
- وهو التمساح الكائن في نيل مصر- ويسمّى الورل أيضا. وذكر أنّ النيل يجري على وجه الأرض تسعمائة فرسخ- ويقال ألف- بين عامر وغامر. وقال غيره إنّ مسافة جريانه من لدن منبعه إلى مصبّه في البحر خمسة آلاف وتسعمائة وثلاثون ميلا، ويقال إنّه يجري في الخراب غير العمران مسيرة أربعة أشهر، في بلاد المسلمين مسيرة شهر وفي بلاد السّودان مسيرة شهرين.
قال الجاحظ «٣» : وكلّ نهر في الأرض مخالف للنّيل وهو مستقبل الشّمال.
قال الشّاعر [رجز] :
مصر ومصر شأنها عجيب ... وماؤها يجري به الجنوب.
٣٣٧ وبالنّيل السّمك الرعاد، من صاد منها سمكة لم تزل يده ترعد ما دام في شبكته أو شصّه. وجبل آمد «٤» يراه أهله، من انتضى سيفه ثمّ أولجه فيه وقبض على قائمه بجميع يديه اضطرب السّيف في يديه وارتعد هو ولو كان أشدّ الناس «٥» . وإذا أحدّ بحجارة ذلك الجبل سكين أو سيف وحمل عليه الحديد لم يؤثّر فيه ويجذب الإبر والمسالّ أشدّ جذب من جبال المغنطيس، ولا يبطل الثوم عمله كما يبطل المغنطيس، بل تبقى تلك القوّة في ذلك الحديد على مرّ الأيّام. وحجر الجبل نفسه لا يجذب الحديد فإن أحدّ عليه سيف أو سكين جذب الحديد، وهذه عدّة أعاجيب.