٣٥٦ وقد كان البرهمن جمع سبعة من حكمائهم فقالوا: تعالوا ننظر من «١» العالم [ما سرّه]«٢» ومن أين أقبلنا وإلى أين نمرّ وهل إخراجنا من عدم إلى وجود حكمة أم [ضدّ ذلك و]«٣» هل خالقنا ومخترعنا يجتلب منفعة أم هل يدفع بفنائنا مضرّة، وما وجه إبلائه إيّانا وإفنائه «٤» لنا بعد إيجادنا. فقال الحكيم الأوّل: أترى أحدا من الناس أدرك الأشياء الحاضرة والغائبة على حقيقة «٥» الإدراك فظفر بالبغية واستراح بالثقة؟ وقال الحكيم الثاني: لو تناهت «٦» حكمة الخالق في حدّ العقول لكان ذلك نقصا في حكمته وكان الغرض غير مدرك والتقصير مانعا من الإدراك. قال الحكيم الثالث: الواجب أن نبتدئ بمعرفة أنفسنا التي هي أقرب الأشياء إلينا قبل أن نتفرّغ إلى علم ما بعد عنّا. وقال الحكيم الرّابع: لقد ساء موقع من وقع موقعا احتاج فيه إلى معرفة نفسه. وقال الحكيم الخامس: من ها هنا وجب الاتّصال بالعلماء الممدّين «٧» بالحكمة. وقال الحكيم السّادس: يجب على المرء المحبّ لنفسه أن (لا يغفل عن ذلك)«٨» لا سيّما إذا كان المقام في هذه الدّار ممتنعا.
وقال الحكيم السّابع: ما أدري ما تقولون غير أنّي خرجت إلى الدنيا مضطرّا وعشت فيها حائرا وأخرج منها كارها.
٣٥٧ واختلف الهند ممّن خلف وسلف في آراء هؤلاء السّبعة وأقوالهم وتنازعوا في مذاهبهم، فافترقوا على سبعين فرقة، منهم من يثبت الخالق والرسل عليهم الصّلاة من الله والسّلام، ومنهم النّافي للرّسل، ومنهم النافي لكلّ ذلك.
وقد زعموا أنّ البرهمن هو آدم والأكثر منهم على أنّه ملك الهند. والهند تزعم