٤٠٧ وأوّل ملوك النبط نمرود، وهم الذين شيّدوا البنيان ومدّنوا المدن وكوّروا الكور وشقّوا الأنهار ورتّبوا الجيوش وجعلوا الألوية والأعلام ورتّبوا العلامات في أقسام الجيش على ألوان توافق كلّ قسم وصوّروا فيها من الصور ما يجانسه، مثل أن يجعلوا في الميمنة والميسرة صور الطير لأنّها أجنحة الجيوش «١» ، وفي القلب صورة الأسد والفيل وما عظم وأرهب من الحيوان وثقلت وطأته، وفي الكمناء صور الحيّات وما خفي من الهوامّ، وتغلغلوا في ألوانها إلى ما علا من الأجسام السّمائية.
٤٠٨ ومملكة الموصل ونينوى للنبط أيضا، ونينوى من قردى وبازبدى وبينها وبين الموصل نهر دجلة. وإلى أهل نينوى بعث يونس عليه السّلام، وهي الآن خراب فيها قرى ومزارع وآثارها بيّنة، وفيها أصنام من حجارة مكتوبة على وجوهها «٢» . [وظاهر المدينة تلّ عليه مسجد]«٣» وهناك عين تعرف بعين يونس، ويأوي إلى المسجد النسّاك. وأوّل من بنى هذه المدينة ملك عظيم يقال له نينوس «٤» ، وملكه من شاطئ دجلة إلى أرمينية وإلى بلاد آذربيجان إلى حدّ الجزيرة والجودي إلى بلاد الزّوزان «٥» . والنبط سريانيّون وإنّما بان النبط عنهم في أحرف يسيرة. وكان ملك الموصل مماريا ومحاربا لملك نينوى، ثمّ غلب ملك الموصل على نينوى ورجعت هذه الممالك إلى ملوك فارس حتّى أتى الله بالإسلام.