نفسها، وطلبت الحية التي تكون بين الحجاز والشام، وهي حيه شبريه وتدعى أيضا الفتريّة، ذات رأسين تكون في جوف الرمل، فإذا أحسّت بالإنسان أو غيره من الحيوان وثبت من موضعها أذرعا كثيرة فضربته بإحدى رأسيها في أيّ موضع لحقته منه، فيعدم من ساعته الحياة ويعلّقه ضدّها لحينه.
فاحتمل لها منها حيّة، فلمّا علمت باليوم الّذي يدخل فيه أغشطش قصر ملكها جلست على سرير ملكها ووضعت تاجها على رأسها وتزيّنت بأحسن الزينة ونظّرت وسط مجلسها بأنواع الرياحين والفواكه والطّيب، وأكثرت ممّا بمصر من عجيب الرياحين وعهدت «١» جميع ما احتاجت إليه من أمرها وفرقت الحشم من حولها ودعت بعض جواريها ممّن اختارت الموت قبلها لتختبر أمر الحيّة، فأدنت يدها من فمّ القارورة الّتي كانت فيها الحيّة، فتفلت على يدها فجمدت مكانها وعدمت الحياة من فورها. ثمّ أدنت الملكة منها يدها ففارقت الحياة لحينها وهي على هيئتها، وانسلّت الحيّة واستترت بالرياحين. فدخل قيصر فنظر إليها فلم يشكّ أنّها تنطق، فدنا منها فتبيّن أنّها ميّتة، فأعجب بتلك الرياحين، فأمرّ يده على كلّ نوع منها وهو متأسّف على ما فاته من الملكة، فبينما هو كذلك إذ قفزت عليه تلك الحيّة فتفلت عليه من سمّها، فيبس شقّه الأيمن من ساعته وذهبت عينه وسمعه، فعجب من فعلها بنفسها ثمّ من احتيالها عليه، وقال في ذلك شعرا بالرومية مأثور عندهم، وأقام بعد ذلك يوما فهلك. ولولا ما كانت أفرغت من سمّها على الجارية والملكة لهلك أغشطش من ساعته.
٤٨٣ وكان السبب الّذي أهاج الحرب بينهما أنّ قوّاد قيصر وقوّاد بطليموس كانوا يقترعون كلّ عام من يخرج منهم إلى الغرب ومن يخرج منهم إلى الشرق،