للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكان جميلا، وكان أبرهة قصيرا ذميما منكر الفؤاد، فاستحيى أرياط من الملوك أن يجبن، فبرز بين الصفّين ومشى كلّ واحد منهما إلى صاحبه، فحمل أرياط على أبرهة فضربه ضربة وقع منها حاجبه وعامّة أنفه، فعمد أبرهة إلى عمامته فشدّ بها وجهه وسكن الدم، وأخذ عودا وجعله في فيه وقال: أيّها الملك أنا شاة فاصنع ما بدا لك فقد أبصرت أمري. ففرح أرياط، فلمّا رأى أبرهة أرياط قد انكسر عنه وهو ينظر يمينا وشمالا لأن تراه ملوك الحبشة شدّ عليه. وكان أبرهة قد أبطن فخذه خنجرا كأنّه [خافية نسر] «١» ، فطعنه طعنة من فرج الدرع أثبته فخرّ على قفاه، وقعد أبرهة على صدره فأجهز عليه. فسمّي أبرهة الأشرم من ذلك اليوم من تلك الضربة الّتي ضربت وجهه.

٥٨٤ وملك اليمن أبرهة، فلمّا بلغ ذلك النجاشي حلف بالمسيح أن يجزّ ناصيته ويريق دمه ويطأ تربته، يعني أرض اليمن. فبلغ ذلك أبرهة فجزّ ناصيته وجعلها في حقّ وجعل من دمه في قارورة وجعل من تراب اليمن في جراب «٢» وضمّ ذلك في هدايا كثيرة وألطاف جمّة، وكتب إليه يعترف بالعبودية ورغّب إليه أن يبرّ قسمه بما بعث إليه، فيجزّ ناصيته بيده ويريق دمه ويطأ تربته، فصفح عنه النجاشي. وكان ذلك في زمان قباذ ملك الفرس.

٥٨٥ وسار أبرهة إلى مكّة لخراب الكعبة لأربعين سنة خلت من ملك أنو شروان وبعث معه ثقيف بأبي رغال ليدلّه على أسهل الطريق، فقتل أبو رغال في

<<  <  ج: ص:  >  >>