للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وأعرفهم بأحوالها من حين تغرس إلى أن تكمل وتستوي، وأبصرهم بالتمر وخرصه وتمييزه وجزره وخزنه] «١» ، وهي تجاراتهم «٢» العظمى وغلّتهم الكبرى. وفي البصرة من أنواع «٣» النخل ما ليس في بلد من بلاد الدنيا.

وأمّا الشاء فإنّها عندهم العبدية المنسوبة إلى عبد القيس. وذكروا أنّ رجلا (من وفد عبد القيس) «٤» يقال له عبادة بن عمرو الشني قال للنبي - صلى الله عليه وسلم - عند وفادتهم عليه ودعائه لهم: يا رسول الله إنّي رجل «٥» أحبّ الشاء.

فدفع إليه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فحلا فحيلا جليلا من المعز وقبض بيده على أصل (أذن ذلك الفحل حتّى استدارت أصابعه فصار في) «٦» أذنه كالسمة، فقدم به عبادة بلاده «٧» فأطرقه شياهه، فجاءت بالشاء العبدية حملها أهل البصرة من البحرين. فهم يذكرون أنّ (ما من) «٨» شاة موصوفة كريمة منها إلّا وفي أصل أذنها حلقة كالسمة، فإذا وجدوها كذلك رغبوا فيها وغالوا فيها حتّى تبلغ الشاة منها خمسين دينارا، وإذا كانت في التّيس مثل ذلك تنوفس فيه وبلغ عدّة دنانير. قال: وأخبرني يحيى بن الفضيل أنّه رأى تيسا بالبصرة عظيما قد حملت عليه مزادة ماء، وهي الّتي تسمّيها العامّة الراوية الّتي تحملها البغال، فبلغ بها منزل صاحبه فاشتري بأربعمائة دينار. [وللشاء عندهم أنساب معروفة] (ويستشهد على ذلك) «٩» العدول في الصحف فتقول:

شاة بني فلان أمّها الفلانة «١٠» [شاة آل فلان] وأبوها تيس آل فلان وجدّتها الفلانة «١١» ، ويوصف «١٢» مقدار ما تحلب من اللبن بالغداة والعشي. فأمّا الحمام فإنّ الأمر بالبصرة (فيه جلل) «١٣» وتجاوز الحدّ، وبلغت الحمام عندهم في الهداة أن جاءت من أقاصي بلاد الروم ومن مصر إلى البصرة «١٤» وتنافسوا في اقتنائها ولهجوا به حتّى بلغ ثمن الطائر منها سبعمائة دينار. وهذا ما حضرته ورأيته وشهدته «١٥» ، وقيل إنّه بلغ بالبصرة ثمن طائر منها جاء من خليج

<<  <  ج: ص:  >  >>