للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قالت الفتن: وإنّا معك. قال الخصب: إنّي لاحق بمصر. قال الذلّ: وأنا معك. قال الشّقاء: إنّي لاحق بالبوادي. قالت الصحّة: وأنا معك. وقال الحجاج: لمّا تبّوأت الأمور منازلها قالت الطاعة: أنزل الشام. قال الطاعون: وأنا معك. قال النفاق: وأنا أنزل العراق. قالت النعمة: وأنا معك. قالت الصحّة: أنزل البادية. قالت الشقوة: وأنا معك.

٨٣٠ وممّا خصّ به العراق مادّة الرافدين وهما دجلة والفرات، وكانت الأوائل تشبهه من العالم بالقلب من «١» الجسد لتوسّطه الأرض ولأنّه من إقليم بابل الّذي سبقت الآراء عن أهله بحكمة الأمور كما تكون الحكمة من القلب.

وأشرف هذا الإقليم مدينة السلام، وقالوا: العراق لا جبلية ولا بحرية ولا شتاء كشتاء أرمينية ولا صيف كصيف عمان ولا صواعق كصواعق تهامة ولا جرب كجرب اليمن ولا طاعون كطواعين الشام ولا طحال كطحال البحرين ولا حمّى كحمّى خيبر ولا زلازل كزلازل صبرة ولا دمامل كدمامل الجزيرة ولا جنون كجنون حمص ولا هواء يختلف كهواء مصر الّتي لم يجعل الله عزّ وجلّ في أرزاق أهلها وأقواتهم نصيبا من الرحمة الّتي نشرها على عباده بالغيث الّذي جعله عمارة لبلاده «٢» ٨٣١ وقال ابن الزبير: ليس الناس بشيء من أقسامهم أقنع منهم بأوطانهم.

وقالت الحكماء: عمّر الله البلدان بحبّ الأوطان. وقال أبقراط: يداوى كلّ عليل بعقاقير أرضه، فإنّ الطبيعة تتطلّع إلى هوائها وتسرع «٣» إلى غذائها.

وقال أفلاطون: غذاء الطبيعة من أنفع أدويتها.

<<  <  ج: ص:  >  >>