٨٤٠ والنيل (إذا زاد غاضت «١» الأنهار والعيون والآبار)«٢» ، وإذا غاض زادت وزيادتها «٣» من غيضه وغيضها من زيادته، وهذا عجيب «٤» .
وليس في الدنيا نهر يسمّى بحرا ويمّا غيره. قال الله «٥» تعالى: فَاقْذِفِيهِ فِي الْيَمِ
«٦» . وسمّته العرب بحرا، وليس في الدّنيا نهر يزرع عليه ما يزرع على النيل ولا نهر يجنى منه إلّا جزء ممّا يجنى من النيل. وابتداؤه بالتنفّس (في بقية)«٧» حزيران، فإذا انتهت الزيادة ستّ عشرة ذراعا ففي ذلك تمام خراج السلطان وخصب الناس الكافي، وكان المرعى ناقصا قاصرا «٨» بالبهائم، فإذا بلغ سبع عشرة ذراعا «٩» فذلك الخصب العام والصلاح التّام، فإن زاد إلى ثماني عشرة ذراعا استبحر من مصر الربع وأضرّ بالضياع وأعقب الوباء بمصر، وقد بلغ تسع عشرة ذراعا سنة تسع وتسعين في خلافة عمر بن عبد العزيز.
٨٤١ قال عبد الملك بن حبيب: خروج النيل وجريته من أوّل ما يبدأ إلى توقّفه ورجوعه سبعة وثمانون يوما، أوّل ذلك لخمس بقين «١٠» من حزيران- وهو «١١» بونه. وذكر أنّ الله تعالى «١٢» جعل نيل مصر معادلا لأنهار الدنيا في «١٣» المادّة ومياهها الجارية، فحين يبتدئ في الزيادة تنقص كلّها وحين يبتدئ بالنقصان تزيد كلّها بمدّة لها «١٤» كما نقصت بجزره منها «١٥» .