للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثلاثمائة قرية وستّون قرية على عدد أيّام السنة لا تقصر أبدا عن الريّ للحكمة في شربها. فإذا نقص «١» النيل سنة من السنين مارت كلّ قرية منها مصر يوما، ولو ناسبوا «٢» أنهار الفيوم بأنهار البصرة ودمشق لكانت أنهار الفيوم أفضل وأكثر «٣» . ولقد رام جماعة من أهل العقل والفضل «٤» والمعرفة إحصاء مرافقها وغلّتها وخيرها وفوائدها، فأعجزهم ذلك (ولم يدركوه) «٥» . وأنزل يوسف الفيوم من كلّ كورة من كور مصر أهل بيت، فكانت قرى الفيوم على عدد كور مصر، وصيّر لكلّ قرية من الماء ما يروي أرضها من غير زيادة ولا نقصان، وصيّر لكل قرية شربا في زمان، لا ينالهم الماء إلّا فيه، [وصيّر] مطأطئا «٦» لمرتفع ومرتفعا لمطاطئ «٧» ، ولا بعض يأخذ دون حقّه ولا يزداد فوق قدره. وإنّما فعل ذلك لفرعون حين أراد اختبار علمه على ما قدمنا عند ذكره. وكانت الفيوم قبل ذلك مغايص ماء النيل، وأمره فرعون «٨» (بعمارة غامرها) «٩» وإحياء مواتها لبنته، فلمّا أظهر من الحكمة الوحية «١٠» العجيبة في ذلك ما أظهر ونظر إليه فرعون قال: هذا من ملكوت السّماء. وكانت أوّل قرية عمّرها بالفيوم قرية يقال لها شانة، وهي القرية الّتي كانت تنزلها ابنة فرعون. ومن ذلك الوقت حدثت الهندسة ولم يكن الناس يعرفونها قبل ذلك.

٨٦٥ وقد ذكرنا لم سمّيت الفيوم، وقال عبد الملك بن حبيب (غير ذلك.

قال) «١١» : إنّما سمّيت الفيوم لأنّها تؤدّي منها إلى السلطان «١٢» كلّ يوم ألف دينار. وخليج الفيوم يسقي أعلاها ووسطها وأسفلها بماء واحد، ولا يعدم بها «١٣» التمر الرطب شتاء ولا صيفا. وإذا كان يوم سدّ حجر اللهون أتى أمير «١٤» الناحية وعدول الناس وأهل الهندسة يشهدون سدّه، (فلم يكن

<<  <  ج: ص:  >  >>