للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

منها صورة طير على أسطوانة عالية يصفّر كلّ يوم مرّتين عند طلوع الشمس وعند غروبها تصفيرا مختلفا يستدلّون به على ما يكون من الحوادث فيتأهّبون لها، وعمل صنمين من حجر أسود في وسط المدينة، إذا نظر إليها السارق لم يقدر على الانحياز عنهما حتّى يسلك بينهما فينطبقان عليه. وعمل في مدينة برسان «١» ، وهي الّتي بناها لابنه مصرم، قبّة ذهب على منار عال لا تزال عليها سحب تمنعها من الشمس، فهلكت في الطوفان. وعمل على حدود برسان أصناما موجّهة إلى نواح مختلفة، إذا قصد (عليهم قاصد لسوء) «٢» أرسلن عليه نارا أحرقته. وملكهم مائتي سنة وثلاثين سنة، فلمّا مات أقاموا يبكون عليه ويطوفون به على أعناقهم «٣» ثلاثين سنة.

٩١٥ ثمّ ملكهم بعده ابنه نقراوش، وكان عابدا لزحل، وحارب أمّة من الجنّ حتّى أدخلها في طاعته بالعزائم الشداد «٤» ، فبنى في صحراء الغرب مدائن معلّقات على أساطين تحيط بها مشبّكات من الذهب، وجعل فيها خزائن الحكمة، ولها أبواب تحت الأرض لا يوصل إليها إلّا منها، وجعل لها أقفالا ومفاتيح مدبّرات «٥» . وكانت ثلاث مدائن في كلّ مدينة ثلاث خزائن فيها عجائب العلم وطرائف الحكمة ورموز الصنعة وأجرام من الماء المعقود لا يتحلّل «٦» ومن الهواء المتجمّد لا يضمحلّ، وفيها مطهرة من ماء الحياة الصنعي الإلهي. وفيها صور الكواكب على أصنافها في بيوت شرفها وعلى رؤوسها أكاليل الغلبة وبإزائها صور الحكماء القيّمين «٧» بأمورها بأيديهم مصاحف الصنعة وجميع الطلسمات والعلوم. وذلك كلّه من ضروب الأحجار الرفيعة والجواهر النفيسة والأجرام العجيبة ممّا يطول الكتاب بشرحه ويخرج من حدّ ما ألفناه له باستقصائه.

<<  <  ج: ص:  >  >>