فانفردت به، وكان أكثر مقامها معه في جبل المقطّم في مصانع بناها أجداده على نهر هناك، فتصيّد يوما بين تلك الجبال فسقط في وهدة فهلك. وقد كان أولد الساحرة ولدا مشوّه الخلق، وكانت أمّه قد جعلته وقفا على الشمس وسادنا لصنم الشمس. وقد كان وقت هلاك أبيه صغيرا، فسترت الساحرة موته وكانت تراسل الناس عنه «١» وتوهمهم أنّه حيّ، فأقامت على ذلك تسع سنين إلى أن تداعى إخوته بعصيانه، وقد كان غرّبهم ونفاهم، فرجعوا إليه فيمن قدروا من الناس والقائم بأمرهم شمرود بن هرصال، فكانت بينه وبين السّاحرة حروب، ثمّ غلب على أمسوس «٢» دار الملك، فكانت مدّة ملك فدرشان «٣» إلى أن ملك شمرود أربعا وثمانين سنة.
٩٣١ فملكهم شمرود (وأيّد وقهرهم)«٤» وغيّر معالم أخيه فدرشان وجعل «٥» لمن ورد عليه «٦» من ولده ما فعل هو بهم، واحتجبت عنه الساحرة وابنها بسحرها فلم يقدر عليها، واحتملت «٧» هي وابنها إلى مدينة كان السحرة يجتمعون بها في ذلك الزمان بناحية أنصنا، فأقامت بينهم وعرّفتهم أنّ ابنها هو الملك وأنّ أباه قلّده ولا بدّ له من الغلبة والقهر. فصدّقتها جماعتهم وبنوا للغلام بنيانا عظيما تحصّن به هو وأمّه، وحصّنت الساحرة تلك المدينة وبنت عليها الطلسمات وأظهرت الأموال ودعت الناس إلى ابنها، فاستفحل أمرها وجيّشت الجيوش إلى شمرود، فكانت بينهم حروب وضروب من السّحر من التصادم في الهواء وإظهار النيران في الجو وغير ذلك، وكانت الغلبة لها، فتعلّق شمرود ببعض البلاد «٨» هو وإخوته وظفرت هي بدار المملكة والجنّة الّتي كانت لهم، وأجلست ابنها على سرير الملك.