٩٥٠ ثمّ ملك بعده منقاوش «١» ابنه، وهو الذي نشر الحكمة في الناس وبثّ «٢» منها ما كان مكتوما، وأمر بنسخ مصاحفها بخطوط العامّة ليتعلّموها. وهو أوّل من عمل الحمّام من ملوك مصر، ويقال إنّه «٣» هو الذي بنى مدينة منف لبناته وكنّ ثلاثين بنتا، ورحلن إليها. وكان له عدّة من النساء من بنات عمّه وبنات الكهنة. وعمل تمثالا روحانيّا من صفر مذهب، فكان لا يمرّ به زان ولا زانية إلا كشف عورته بيده. فكان الناس يمتحنون بذلك «٤» ، فامتنعوا من الزنى. وبنى هيكلا للسحرة على جبل القصير وقدّم عليهم رجلا منهم، وكانوا لا يطلقون الرياح للمراكب إلا بضريبة يأخذونها من أهلها.
وكان إذا ركب عملوا بين يديه التخاييل الهائلة فتعجّب الناس من أعمالهم.
وقسم خراج البلد أرباعا، وكان منتهاه حينئذ مائة الف «٥» ألف وثلاثة آلاف ألف، فربع للملك خاصّة يصرفه فيما يشاء «٦» ، وربع لأرزاق جنده، وربع ينفقه في مصالح الأرضين والمدن وما يحتاج إليه من عمل جسور وحفر خليج وبناء آبار «٧» وتقوية أهلها على العمارة، وربع يكنز «٨» ويدفن عدّة للملك.
وهلك منقاوش بعد احدى وسبعين سنة من ملكه من طاعون أصابه، وقيل سمّ في طعامه، وعمل ناووسه في صحراء المغرب.
٩٥١ ثمّ ملك بعده ابنه مناوش؛ وهو أوّل من عبد البقر، وذكروا أنّ السبب في ذلك أنه كان اعتلّ علّة يئس فيها من نفسه «٩» ، وأنه رأى في منامه صورة روحانيّ عظيم يخاطبه ويقول له: لا يخرجك من علّتك إلّا عبادتك للبقر لأنّ الطالع كان عند حلولها به «١٠» في صورة ثور بقرنين. فأمر بأخذ (ثور