يصل إلى بلد يسمّى تامرما «١» فيه نخيل كثير يسكنه بنو قلدين «٢» وفزانة.
وعندهم غريبة وهو أنّ السارق إذا سرق عندهم كتبوا كتابا يتعارفونه، فلا يزال السارق يضطرب في موضعه ذلك «٣» ولا يفتر حتّى يقرّ ويردّ ما أخذ، وما يسكن عنه ما به حتّى يمحى ذلك الكتاب. ويسير من هذا البلد إلى بلد يسمّى سباب يومين، وهو بلد كثير النخل وكذلك الّذي قبله. وأهل سباب يزدرعون النبات الّذي يكوّن منه الصبغ المعروف بالنيل. ويسير من سباب في صحراء مستوية «٤» لا شيء فيها غير رمل رقيق لا يشوبه حجر ولا مدر، (إذا رأى الرائي العظم «٥» في تلك الصحراء من بعيد حسبه قصرا، وإن رأى بعرة حسبها رجلا)«٦» . ومن هذه الصحراء إلى زويلة يوم.
١٠٩٧ وهي بجوفيّ «٧» مدينة أجدابية، وهي مدينة غير مسوّرة في وسط الصحراء، وهي أوّل حدّ بلاد السّودان، وبها جامع وحمّام وأسواق يجتمع بها الرفاق من كلّ جهة «٨» منها، ومنها يفترق «٩» قاصدهم وتتشعّب طرقهم، وبها نخيل وبساط للزرع يسقى بالإبل، ولمّا فتح عمرو برقة بعث عقبة بن نافع حتّى بلغ زويلة وصار ما بين برقة وزويلة للمسلمين. وبزويلة قبر دعبل بن علي الخزاعي الشّاعر. قال بكر «١٠» بن حماد [كامل] :
الموت غادر دعبلا بزويلة ... وبأرض برقة أحمد بن خصيب