أكره أهل الجنّة «١» على بيعها. والصومعة اليوم على بنائه «٢» طولها ستّون ذراعا وعرضها خمس وعشرون، ولها بابان شرقي وغربي وعضائد بابيها رخام منقّش «٣» وكذلك عتبتهما.
١١٢٨ فلمّا ولي إفريقية يزيد بن حاتم سنة خمس وخمسين ومائة هدم الجامع كلّه حاشى المحراب وبناه واشترى العمود الأخضر بمال عريض جزل ووضعه فيه، وهو الّذي كان يصلّي عليه القاضي أبو العبّاس عبدون. فلمّا ولي زيادة الله بن إبراهيم (بن الأغلب)«٤» هدم الجامع كلّه وأراد هدم المحراب فقيل له:
إنّ من تقدّمك من الولاة توقّفوا عن ذلك لما كان واضعه عقبة بن نافع ومن كان معه. فلجّ في هدمه لئلّا يكون في الجامع أثر لغيره حتّى قال له بعض البناة: أنا أدخله بين حائطين ولا يظهر في الجامع أثر لغيرك. فاستصوب ذلك وفعله فهو على بنائه إلى اليوم. والمحراب كلّه وما يليه مبنيّ بالرخام الأبيض من أعلاه إلى أسفله، وهو مخرّم «٥» منقوش كلّه منه كتابة تقرأ، ومنه تدبيج مختلف الصناعة يستدير «٦» به أعمدة رخام في غاية الحسن، والعمودان الأحمران المذكوران يقابلان المحراب عليهما القبّة «٧» المتّصلة بالمحراب. وعدد ما في الجامع من الأعمدة أربعمائة وأربعة عشر عمودا، وبلاطاته سبعة عشر بلاطا، وطوله مائتان وعشرون «٨» ذراعا وعرضه مائة وخمسون «٩» ذراعا.
وكانت فيه مقصورة فلم يزل بناء زيادة الله فيه، والمقصورة اليوم إنّما هي دار بقبلي الجامع بابها في رحبة الثمر، لها باب عند المنبر، يدخل منه الإمام بعد أن ينزل في هذه الدار حتّى تقرب الصلاة. وبلغت النفقة في بنيانه ستّة وثمانين ألف مثقال.