والملعب بنيان عظيم للأوّل أقباء مرتفعة واسعة معقودة بحجر النشفة «١» الخفيف الّذي يطفو على الماء المجلوب من بركان صقلّية، وحوله أقباء كثيرة يفضي بعضها إلى بعض. وحول مدينة سوسة آثار عظيمة للأوّل، وبنيان سوسة كلّها بالصخر المحكم. وبسوسة أسواق كثيرة وهي مخصوصة بكثرة الأمتعة والثمر «٢» ، ولحم سوسة أطيب اللحوم وهي رخيصة الأسعار والفواكه كثيرة الخير، وهي قديمة البناء.
١١٥٦ وكان «٣» معاوية بن حديج قد بعث إليها عبد الله بن الزبير في جمع كثيف، وكان بلغه أنّ نقفور بطريقا من بطارقة الروم أنفذه ملكهم في ثلاثين ألف مقاتل فنزل بذلك الساحل، فسار عبد الله حتّى نزل شرفا عاليا ينظر منه إلى البحر بينه وبين سوسة اثنا عشر ميلا. فلمّا بلغ ذلك نقفور رجع إلى مراكبه وصدر عن ذلك الساحل، فركب عبد الله بن الزبير في جيشه حتّى بلغ البحر ونزل على باب مدينة سوسة وانحطّ عن فرسه وصلّى بالناس صلاة العصر والروم يتعجّبون من أمره وقلّة اكتراثه بهم. (فأخرجوا إليه جمعا منهم «٤» كثيرا من كماتهم «٥» رجالا وركبانا، فزحفوا إليه)«٦» وهو مقبل على صلاته لا يروعه ذلك ولا يهوّله حتّى إذا قضى صلاته شدّ على فرسه فركبه وحمل عليهم، فانكشفوا عنه «٧» فهزمهم وولّوا أدبارهم حتّى لجؤوا «٨» إلى مدينتهم فانصرف عنهم.