ويوجد أيضا بعض الغموض حول المكان الذي انتقل اليه عبد العزيز وعائلته عندما خلعه المعتضد: فابن الأبار وابن عذارى «١» وغيرهما يذهبون الى أنه انتقل الى قرطبة ليضع نفسه تحت حماية أبي الوليد محمد بن جوهر حاكم المدينة. الّا أن ابن عذارى نفسه يرى في موضع آخر من كتابه «انه صيره الى اشبيلية وأجرى عليه الرزق الى أن مات»«٢» .
ومن العسير أن يفضّل المرء إحدى الروايتين عن الأخرى فهل يمكن التأليف بينهما بافتراض ان عبد العزيز قد أقام مدّة قصيرة باشبيلية ولما شعر بتغير موقف المعتضد إزاءه انتقل بعائلته الى قرطبة وعلى كل فإننا لا نجد أي حديث عن عبد العزيز بعد هذه الفترة ويمكن أن يفترض ان موته لم يتأخر كثيرا عن ذلك.
ولا نعلم كم بقي أبو عبيد بقرطبة وهل تركها في حياة والده أم بعد وفاته والذي لا شك فيه هو أنه بقي بما فيه الكفاية كي يواصل ثقافته الأدبية والعلمية فابن بشكوال يعلمنا أنه تابع دروس ابي مروان ودروس المؤرخ الكبير أبي حيان «٣» والمؤكد انه اتبع أيضا بقرطبة دروس أبي بكر المشعفي وابن عبد البرّ «٤» ولا يمكن أن نعرف أي تآليفه ألّف (ان كان قد ألف) مدة هذا المقام الأول بقرطبة لأن تواريخ تآليفه غير معروفة ولكن الكثير من القرائن تبين انه لم يكن عديم الشغل وان الكثير من تآليفه قد تكون ظهرت في تلك الفترة ويبدو حسب خبر لابن حيان نقله الفتح بن خاقان وحكاه أيضا ابن الأبار في شيء من الاحتراز «٥» ان البكري قد انتقل من بعد الى المرية بدعوة من أميرها محمد ابن معن ولا شك أن سبب هذه الدعوة كانت شهرة الرجل بصفته أديبا واستقبله حاكم المرية بترحاب وجعله من خلانه وانقسمت حياة أبي عبيد بين حياة البلاط والدراسة وتابع في المرية دروس العذري «٦» ولا يستبعد