من ثلاث حنايا، ثمّ بني فوقهنّ بيت ساوي حافتي الخندق يعبر عليه إلى المدينة ويظهر الماء في قعر هذا الوادي من هذا البيت كالكوكب الصغير لعمقه وبعده. ويسمّى هذا البيت العبور لأنّه معلّق «١» في الهواء. ويسكن قسطنطينة قبائل شتّى من أهل ميلة ونفزاوة وقسطيلية وهي لقبائل «٢» من كتامة. وبها أسواق جامعة ومتاجر رابحة، وبينها وبين مرسى سقدة مسيرة يوم.
(١٢٢٢ ومن مدينة قسطنطينة إلى مدينة ميلة وفي سنة ثمان وسبعين وثلاث مائة في شوال خرج المنصور من القيروان غازيا لكتامة «٣» . فلمّا قرب من ميلة زحف إليها بانيا على استلام أهلها واستباحتهم، فخرج إليه النساء والعجائز والأطفال بعد أن عبّا «٤» جيوشه لمحاربتها، ونشر البنود وضرب الطبول. فلمّا رأى من خرج إليه منها بكى وأمر أن لا يقتل فيها «٥» من أهلها أحد وأمر بهدم سورها وتسيير من فيها إلى مدينة باغاية. فخرجوا بجماعتهم يريدونها وقد تحمّلوا ما خفّ من أمتعتهم، فلقيهم ماكسن «٦» بن زيري بعسكره فأخذ جميع ما معهم. وبقيت ميلة خرابا ثمّ عمّرت بعد ذلك، وعليها سور صخر اليوم وبها جامع وأسواق وحمّامات، والمياه تطرد حولها، يسكنها العرب والجند والمولّدون وهي من غرر مدن الزاب. ولمدينة ميلة باب شرقي يعرف بباب الروس، (وعلى مقربة منه جامعها وهو ملاصق لدار الإمارة، وباب جوفي يعرف بباب السفلى، ويليه)«٧» داخل المدينة عين تعرف بعين أبي السباع مجلوبة تحت الأرض من جبل بني ياروت يشقّ منها سوقها ساقية، فإذا قلّ الماء في الصيف أجريت يوم السبت والأحد من الجمعة لا غير. ولها