للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

١٢٣٧ وفي ساحل هذا البحر مدينة أرزاو، وهي مدينة رومية خالية فيها آثار عظيمة للأوّل باقية «١» يحار من دخل فيها لكثرة عجائبها. وبقرب مدينة أرزاو جبل كبير فيه قلاع ثلاث مسوّرة ورباط يقصد إليه. وفي هذا الجبل معدن للحديد وللزئبق «٢» . وإذا أرسلت (النار في شجره) «٣» تفاوحت منه أرياح «٤» عطرة. وبين مدينة أرزاو هذه ووهران أربعون ميلا.

١٢٣٨ ومدينة وهران حصينة ذات مياه سائحة وأرحاء ماء وبساتين، ولها مسجد جامع. وبنى مدينة وهران محمّد بن أبي عون ومحمّد بن عبدون وجماعة من الأندلسيّين البحريّين الّذين ينتجعون مرسى وهران باتّفاق منهم مع نفزة وبني مُسقن وهم من أزداجة، وكانوا أصحاب القرشي سنة تسعين ومائتين، فاستوطنوها سبعة أعوام. وفي سنة سبع وتسعين ومائتين زحفت قبائل كثيرة إلى وهران يطالبون أهلها بإسلام بني مسقن إليهم لدماء كانت بينهم، فأبى أهل وهران من إسلامهم إليهم فنصبوا عليهم الحرب وحاصروهم ومنعوهم الماء.

فخرج عنهم بنو مسقن ليلا هاربين واستجاروا بأزداجة وأجاروهم «٥» وتغلّبوا على أهل مدينة وهران وخرجوا عنها مسلّمين في أنفسهم وأسلموا ذخائرهم وأموالهم، وخربت وهران وأضرمت نارا، وذلك في ذي الحجّة من هذه السنة. ثمّ عاد أهل وهران إليها في السنة بعدها، سنة ثمان وتسعين ومائتين بأمر أبي حميد دوّاس بن صولات- ويقال داود- عامل تيهرت، وابتدؤوا بنيانها في شعبان من هذه السنة، فعادت أحسن ممّا كانت وولّي عليهم داود

<<  <  ج: ص:  >  >>