١٢٦٢ فأمّا الطريق من وجدة إلى مليلة فإلى صاع ومنها إلى أجرسيف «١» مرحلة، وهي قرية عامرة على نهر ملوية يأتيها من جانب مطغرة، والمخاضة إليها من جهة القبلة. ومن أجرسيف إلى قلوع جارة وهي حصن منيع في أعلى جبل لا متناول له ولا مطمع فيه، ومنه إلى مدينة مليلة، وهي مدينة مسوّرة بسور حجارة وداخلها قصبة مانعة وفيها مسجد جامع وحمّام وأسواق. وهي مدينة قديمة ويذكر أنّ بني البوري «٢» بن أبي العافية المكناسي جدّدوها، ويسكنها بنو ورتدى وهم يقترعون على من يدخل عندهم من التجّار، فمن أصابته قرعة الرجل منهم كان تجره على يديه ولم يصنع شيئا إلّا تحت نظره وإشرافه، فيحميه عمّن يريد ظلمه ويأخذ منه الأجر على ذلك ويأخذ منه الهدية لنزوله «٣» عنده.
١٢٦٣ وذكر محمّد بن يوسف وغيره أنّ عبد الرحمان الناصر لدين الله افتتحها سنة أربع عشرة وثلاثمائة وبنى سورها معقلا لموسى بن أبي العافية. وقال أحمد بن محمّد (بن موسى الداراني)«٤» الرازي يذكر ذلك [طويل] :
والملك الناصر لدين الله ... فيما يحوط الدين غير ساه
بنى لموسى عدّة مدينة ... منيعة شاهقة «٥» حصينة
ذلّت لها تيهرت والأفارقة «٦» ... ولم يطق بنيانها العمالقة
وكيلهم يسمّونه المدّ وهو خمسة وعشرون مدّا بمدّ النبي - صلى الله عليه وسلم -، ورطلهم (مثل رطل نكور)«٧» اثنتان وعشرون أوقية، والأوقية خمسة عشر «٨»