فما كنت إلّا جاهلا ومنافقا ... تمثّل للجهال في السنّة المثلا
وهمّتنا العليا لدين محمّد ... وقد جعل الرحمن همّتك السفلى
١٢٩١ فكتب عبيد الله الشيعي إلى مصالة بن حبوس عامله على تيهرت يأمره بالمسير إلى بلد نكور ومحاربة سعيد بن صالح، فخرج مصالة لذلك من تيهرت غرّة ذي الحجّة سنة أربع وثلاثمائة فنزل من مدينة نكور على مسيرة يوم بموضع يقال له نسافت، فخرج إليه سعيد بن صالح فحاربه ثلاثة أيّام مكافيا له.
وكان مع سعيد رجل من شجعان البرابر وأعلامهم يقال له حمد «١» بن العياش من بني يطوفت دعته نفسه إلى أن يقصد محلّة مصالة فيفتك به، فوافى المحلّة في سبعة فوارس واقتحم على مصالة، فتصايح الناس فكاثروهم «٢» ، فأخذ حمد أسيرا ومن معه، فأمر مصالة بضرب أعناقهم فقال حمد: ليس مثلي يقتل. قال مصالة: ولم؟ قال: لأنّك لا تطمع في سعيد إلّا بي وعلى يدي. فاستبقاه وقرّبه وألطف مكانه حتّى أنس به. ثمّ أعطاه (قطعة من العسكر)«٣» فقصد بها من جانب كان يعلم الغرّة به حتّى دخل عسكر سعيد من المأمن ومن حيث لا يظنّ به، ففرق جمعه وغشي سعيدا ما لم يتأهّب له وتتابعت عليه العساكر، فنظر أمرا لا يستطيع المقام عليه، فبعث إلى مدينة نكور فأخرج كلّ ما كان في قصره وما معهم وصاروا بجزيرة في مرسى نكور ومعهم صالح بن سعيد وإدريس والمعتصم ابنا سعيد أخواه.