وخالف أمر محمّد. فكتب محمّد إلى أخيه عمر بمثل ذلك، فأجابه وسارع إلى نصرته وخرج يريد عيسى بمعسكره. فلمّا قرب من أحواز فاس كتب إلى محمّد يستمده ومضى لوجهه، فأوقع بأخيهما عيسى قبل لحاق مدد محمّد وأخرجه عن بلد وازقّور وهرب إلى سلى. ثمّ أمر محمّد أخاه عمر بمحاربة القاسم أخيهما، (فحاربه وتغلّب على ما كان من بلده)«١» بيده. فتزهّد القاسم وبنى مسجدا على ضفّة البحر بأصيلة ولزمه. وتوفّي عمر بن إدريس بقرب «٢» ذلك ببلد صنهاجة بموضع يقال له الفرس وكان منية له، ونقل إلى مدينة فاس فدفن بها. وهو جدّ الحمّوديّين القائمين بالأندلس على ما نذكره بعد هذا إن شاء الله.
١٣٥١ ثمّ هلك محمّد بن إدريس وولي الأمر بعد محمّد ابنه علي باستخلافه له. ثمّ هلك قولي الأمر بعده ابن أخيه يحيى بن يحيى بن محمّد بن إدريس. ثمّ إنّ يحيى بن يحيى دخل على يهودية في الحمّام يقال لها حنّة وقد راودها «٣» على نفسها فتغيّر عليه أهل فاس ووثب عليه عبد الرحمان بن أبي سهل الجذامي، وهو جدّ أحمد بن أبي بكر بن عبد الرحمان الّذي هو صاحب فاس، فأخرجه عن مدينة فاس «٤» فهرب إلى عدوة الأندلسيّين فمات بها من ليلته. وكانت زوجة يحيى بن يحيى هذا عاتكة بنت علي بن عمر بن إدريس بن إدريس، فلم تخرج مع زوجها يحيى بن يحيى. فأتى علي بن عمر أبوها بجنده فدخل عدوة القرويّين وملكها «٥» ، وانتقل الأمر عن بني محمّد بن إدريس إلى بني عمر بن إدريس. ثمّ قام على علي بن عمر عبد الرزاق الخارجي وكان صفريّا، ويقال إنّه من ثغر الأندلس، وكان قيامه من جبل مديونة وهو بقبلي فاس، فدارت بينهم حروب كانت الدائرة فيها على علي، فهزمه الخارجي