ومما يزيد الأمر وضوحا قوله تعالى:(وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلَادَهُنَّ)[البقرة: ٢٣٣] فهذا خبر وليس طلبًا، فلا يدخل في تعريف الشيخ عطاء ويدخل في تعريف الشيخ العثيمين؛ مضمن معنى الطلب.
يوضحه أن قول (يتضمن) الذي ذكره الشيخ العثيمين في تعريف الأمر (قول يتضمن طلب الفعل على وجه الاستعلاء)، يُدِخل باقي الصيغ التي تدل على الأمر وليست مستفادة من صيغه الحقيقية، فالتعبير بأن الأمر فرض أو حتم ونحو ذلك متضمن لطلب الفعل وإن لم يكن بصيغة الطلب.
- وأيضا نجد أن الشيخ العثيمين قد زاد قيد الاستعلاء، ولم يشر إليه الشيخ عطاء في تعريف الواجب، فأصبح تعريفه مدخول (غير مانع) فيدخل فيه الالتماس والدعاء وغيرهما مما يستفاد من صيغة طلب الفعل لا على وجه الاستعلاء.
الوجه الثاني - أنه لا يشمل الواجب الموسع، والكفائي، والمخير، وأفاد أنه لابد من إضافة قيد:(في بعض الوجوه)، أو (بوجه ما)، أو بحالة ما) على التعريف الذي اختاره وهو:(ما طلب الشارع فعله على وجه اللزوم) ليشمل الواجب الموسع، والكفائي، والمخير.
فقال ما محصله: أن التعريف بدون هذا القيد يتجه فيه اللزوم لطلب الفعل على وجه الجزم مطلقا، فلابد وأن يأتي بالواجب الموسع في كل أوقاته ولابد وأن يأتي بكل خصال الكفارة بالنسبة للواجب المخير، ولابد وأن يأتي بالواجب الكفائي كل المكلفين لأن كل هذا يدخل تحت قوله (ما طلب الشارع فعله على وجه الجزم).
وعليه ففائدة القيد (في بعض الوجوه)، أو (بوجه ما)، أو (بحالة ما) أن يخرج الواجب المخير إذا قام ببعض خصاله، ويخرج الواجب الموسع إذا قام به في آخر وقته ويخرج به الواجب الكفائي إذا قام به البعض دون البعض.
وهذا التعقب غير سديد؛ وذلك لأن الخطاب التكليفي بالواجب الموسع، والمخير، والكفائي متعلق بحصة من القدر المشترك، وهو في الموسع الواجب فيه، وفي الكفائي: الواجب عليه، وفي المخير: الواجب نفسه.
وهذا القدر المشترك واجب على المكلف الإتيان به، فهذه الواجبات بالنظر للقدر المشترك تكون كالواجب العيني، وعليه فلا حاجة لهذا القيد.