للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قال الزركشي في "البحر المحيط" (١/ ١٥٠): (وقال ابن الحاجب متعلق الوجوب هو القدر المشترك بين الخصال ولا تخيير فيه ومتعلق التخيير خصوصيات الخصال ولا وجوب فيها (١) وقال الأصفهاني شارح المحصول لا نقول في الواجب المخير هو القدر المشترك بل الواجب هو حصة منه يصدق عليها القدر المشترك ولا سبيل إلى القول بإيجاب المشترك ويكون من صور التخيير بين الخصال الثلاث بأنه واحد ولا يتصور التخيير في الواحد).

ووجه الدقة فيما قاله الأصفهاني أن ذلك يقطع النزاع مما قد يفهم من أن تعلق الوجوب بالقدر المشترك ينتج عنه تعلق الوجوب بالجميع، مع أن هذا ينافي التخيير كما ذهب إليه بعض المعتزلة مما أدى إلى إنكارهم لهذا القسم، فعبارة الأصفهاني تبين أن تعلق الوجوب إنما هو لحصة من القدر المشترك، والتي تتعلق بالفعل الواجب فعله، قال الموفق (٢): أجمعت الأمة على أن جميع خصال الكفارة غير واجب - أي الفعل -.

قال الطوفي في "شرح مختصر الروضة" (١/ ٣٣٢): (الخطاب في الموسع والمخير وفرض الكفاية جميعا متعلق بالقدر المشترك، فيجب تحصيله، ويحرم تعطيله.

فالمشترك في الموسع وهو مفهوم الزمان ومطلقه من الوقت المقرر المحدود شرعا، بمعنى أن الواجب إيقاعه فيما يصدق عليه اسم زمن من أزمنة الوقت الشرعي. أعني ما بين زوال الشمس إلى أن يصير ظل كل شيء مثله في الظهر مثلا، فمتى أوقع الصلاة في هذا الزمن المطلق كان آتيا بالمشترك، فيخرج عن عهدة الواجب أداء، وإن أخره حتى خرج الوقت الشرعي، كان معطلا للمشترك عن العبادة الواجبة فيه، فيحرم عليه التأخير، ويلزمه استدراكه قضاء.

والمشترك في المخير هو مفهوم أحد الخصال، فهو متعلق الوجوب وأما متعلق التخيير، فهو خصوصيات الخصال، من إطعام أو كسوة أو عتق، فالواجب عليه أن يأتي بإحدى الخصال ولا بد، وهو المشترك بين جميعها، لأن كل واحدة منها يصدق


(١) انظر التحبير (٢/ ٨٩٦)، شرح الكوكب المنير (١/ ٣٨٠).
(٢) انظر الروضة (ص/٢٨).

<<  <   >  >>