للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ومثلوه بقوله سبحانه وتعالى: (وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً) [النور: ٤] خص بالإجماع على أن العبد القاذف يجلد على النصف من الحر، لكن قال البرماوي: في التمثيل بذلك نظر، لاحتمال أن يكون التخصيص بالقياس (١) ...

وجعل بعض العلماء من أمثله المسألة: قوله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا

نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ) [الجمعة: ٩] خص بالإجماع على عدم وجوب الجمعة على العبد (٢) والمرأة (٣) ...

(و) يجوز تخصيص اللفظ العام أيضا (بالقياس) قطعيا كان أو ظنيا، ثم إن كان قطعيا خص به العام قطعا، قاله الإبياري في شرح البرهان وغيره، وإن كان ظنيا، فالذي عليه الأئمة الأربعة والأشعري والأكثر: جواز التخصيص به، وعند ابن


(١) أي أن الصحابة قاسوا العبد على الأمة بجامع الرق وأجمعوا على أن حده نصف حد الحر في القذف وغيره فالقياس هو المخصص لعموم الآية الموجبة لتمام حد الحر عليه والإجماع رفع القياس لرتبة القطع كما سبق بيان ذلك، هذا على فرض صحة الإجماع، ولكنه لم يصح قال ابن رشد في بداية المجتهد (٢/ ٣٣١): (واختلفوا في العبد يقذف الحر كم حده فقال الجمهور من فقهاء الأمصار حده نصف حد الحر وذلك أربعون جلدة وروي ذلك عن الخلفاء الأربعة وعن ابن عباس وقالت طائفة حده حد الحر وبه قال ابن مسعود من الصحابة وعمر بن عبد العزيز وجماعة من فقهاء الأمصار وأبو ثور والأوزاعي وداود وأصحابه من أهل الظاهر) كما أن هذا القياس منقوض وليس هذا محل بسط الخلاف في هذه المسألة.
(٢) قال ابن قدامة في "المغني" (٢/ ٩٥): (فصل فأما العبد ففيه روايتان إحداهما لا تجب عليه الجمعة وهو قول من سمينا في حق المسافر والثانية تجب عليه ولا يذهب من غير إذن سيده نقلها المروزي واختارها أبو بكر وبذلك قالت طائفة إلا أن له تركها إذا منعه السيد).
(٣) قال ابن قدامة في المرجع السابق (٢/ ٩٤): (أما المرأة فلا خلاف في أنها لا جمعة عليها. قال ابن المنذر أجمع كل من نحفظ عنه من أهل العلم أن لا جمعة على النساء ولأن المرأة ليست من أهل الحضور في مجامع الرجال ولذلك لا تجب عليها جماعة)، وعليه فيستقيم هذا المثال في حق المرأة دون العبد.

<<  <   >  >>