للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ونحوه تخصيص آية السرقة بما دون النصاب، وقتل المشركين بإخراج المجوس، وغير ذلك ...

ومثال تخصيص السنة بالكتاب: قوله - صلى الله عليه وسلم -: (ما أبين من حي فهو ميت) رواه ابن ماجه، خص بقوله سبحانه وتعالى: (وَمِنْ أَصْوَافِهَا وَأَوْبَارِهَا وَأَشْعَارِهَا أَثَاثًا وَمَتَاعًا إِلَى حِينٍ) [النحل: ٨٠].

ومن أمثلته أيضا: قوله صلى الله عليه وسلم فيما رواه مسلم عن عبادة بن الصامت - رضي الله تعالى عنه - (خذوا عني خذوا عني قد جعل الله لهن سبيلا، البكر بالبكر جلد مائة ونفي سنة، والثيب بالثيب: جلد مائة والرجم) والمقصود بيان السبيل في قوله تعالى: (وَاللَّاتِي يَأْتِينَ الْفَاحِشَةَ مِنْ نِسَائِكُمْ فَاسْتَشْهِدُوا عَلَيْهِنَّ أَرْبَعَةً مِنْكُمْ فَإِنْ شَهِدُوا فَأَمْسِكُوهُنَّ فِي الْبُيُوتِ حَتَّى يَتَوَفَّاهُنَّ الْمَوْتُ أَوْ يَجْعَلَ اللَّهُ لَهُنَّ سَبِيلًا) فقوله صلى الله عليه وسلم: (البكر بالبكر، والثيب بالثيب جلد مائة والرجم) يشمل الحرة والأمة، ولكن الأمة خصت بقوله سبحانه وتعالى: (فَإِذَا أُحْصِنَّ فَإِنْ أَتَيْنَ بِفَاحِشَةٍ فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ مَا عَلَى الْمُحْصَنَاتِ مِنَ الْعَذَابِ) [النساء: ٢٥] فدل على أنه ليس عليهن قتل لأن القتل لا ينصف كما أن عليهن جلد خمسين لا مائة جلدة وهكذا.

ومن ذلك حديث (أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله) خص بقوله سبحانه وتعالى: (حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ) [التوبة: ٢٩].

ومثال تخصيص السنة بالسنة: قوله صلى الله عليه وسلم: (فيما سقت السماء العشر) فإنه مخصوص بقوله صلى الله عليه وسلم: (ليس فيما دون خمسة أوسق صدقة) وهو كثير ...

(وبإجماع) يعني أن العام يخص بإجماع (والمراد دليله) أي دليل الإجماع، لا أن الإجماع نفسه مخصص؛ لأن الإجماع لا بد له من دليل يستند إليه، وإن لم نعرفه (١).


(١) قال الشيخ علي الحكمي في " تخصيص العام" (ص/٣١٤): (لا خلاف بين العلماء في أن المخصص حقيقة هو سند الإجماع، وأن للإجماع فائدة هي تقوية ذلك المستند وجعله في درجة يكون معها صالحا لتخصيص كل من القرآن والسنة المتواترة حتى عند القائلين بقطعية دلالة العام؛ لأن الإجماع أقوى من النصوص، لعدم احتماله النسخ، ولا التخصيص، وهي محتملة لذلك).

<<  <   >  >>