للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قوله: (كالسواد والبياض مثلاً) فمثلاً لو جاء في الحديث أن رجلاً كثير الشعر ضخم البدن مفتول العضلات جاء إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو يقول: يا رسول الله، إني جامعت امرأتي في رمضان، فماذا عليَّ؟ يقول: عليك كذا وكذا، فهذه الأوصاف هل هي أوصاف طردية؛ أي لو استفتانا رجل نحيف أصلع رخي العضلات هل يكون حكمه كحكم الأول أم يختلف؟

الجواب: أن حكمه كحكم الأول تمامًا مع أن الأول كان كثير الشعر مفتول العضلات كبير الجسم، وهذا- الثاني- نحيف أصلع رخي العضلات، مع ذلك كله نقول: أن حكمه كحكمه، لأن الأوصاف المذكورة أوصاف طردية لا مناسبة لها).

يشير الشيخ بعدم صحة القياس في الوصف الطردي لقادح عدم التأثير ...

قال الطوفي في "شرح مختصر الروضة" (٣/ ٥٤٧): (اعلم أن التأثير هو إفادة الوصف أثره، فإذا لم يفده، فهو عدم التأثير.

قوله: «وهو ذكر ما يستغني عنه الدليل في ثبوت حكم الأصل، إما لطرديته»، «أو لثبوت الحكم بدونه».

يعني أن عدم التأثير: هو ذكر وصف، أو أكثر تستغني عنه العلة في ثبوت حكم أصل القياس، إما لكون ذلك الوصف طرديا لا يناسب ترتب الحكم عليه، أو لكون الحكم ثبت بدونه.

مثال الأول؛ وهو ما عدم تأثيره لكونه طرديا: قول القائل في أن الفجر لا يقدم أذانها على الوقت: «صلاة لا تقصر، فلا يقدم أذانها على الوقت، كالمغرب»، وذلك، لأن «باقي الصلوات تقصر»، ولا يقدم أذانها على وقتها، فبقي قوله: لا تقصر؛ وصفا طرديا، لأنه غير مناسب لتقديم الأذان على الوقت، ولا عدمه.

وتحقيق الكلام في هذا: أن القياس المذكور اقتضى تعليل عدم تقديم الأذان بعدم القصر، فكأنه قال: لا يقدم الأذان على الفجر، لأنها لا تقصر، واطرد ذلك في المغرب، لكنه لم ينعكس في بقية الصلوات، إذ مقتضى القياس المذكور أن ما يقصر من الصلوات يجوز تقديم أذانه على وقته من حيث انعكاس العلة، لكن الأمر ليس كذلك ... وإذا ألغي قوله: لا تقصر؛ لم يبق لاختصاص الأصل المذكور - وهو المغرب - وجه، إذ كل الصلوات لا يقدم أذانها.

<<  <   >  >>