للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

(يَعْلَمُ خَائِنَةَ الْأَعْيُنِ) [غافر: ١٩]، (حَتَّى نَعْلَمَ الْمُجَاهِدِينَ مِنْكُمْ) [محمد: ٣١]، وهو كثير).

قوله: {[وعكسه]} يعني: تأتي المعرفة بمعنى العلم، وقد قال في ' المصباح ': (علمته أعلمه: عرفته، هكذا يفسرون العلم بالمعرفة، وبالعكس، لتقارب المعنيين) انتهى. قلت: وفي التنزيل: (مِمَّا عَرَفُوا مِنَ الْحَقِّ) [المائدة: ٨٣]، أي

: علموا).

وقال ابن النجار في "شرح الكوكب" (١/ ٦٣): (العلم يطلق لغة وعرفا على أربعة أمور:

أحدها: إطلاقه حقيقة على ما لا يحتمل النقيض.

الأمر الثاني: أنه يطلق (ويراد به مجرد الإدراك) يعني سواء كان الإدراك (جازما، أو مع احتمال راجح، أو مرجوح، أو مساو) على سبيل المجاز، فشمل الأربعة قوله تعالى (مَا عَلِمْنَا عَلَيْهِ مِنْ سُوءٍ) [يوسف: ٥١] إذ المراد: نفي كل إدراك.

الأمر الثالث: أنه يطلق (و) يراد به (التصديق، قطعيا) كان التصديق (أو ظنيا) أما التصديق القطعي: فإطلاقه عليه حقيقة، وأمثلته كثيرة، وأما التصديق الظني: فإطلاقه عليه على سبيل المجاز (١)، ومن أمثلته قوله تعالى (فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِنَاتٍ) [الممتحنة: ١٠].

الأمر الرابع: أنه يطلق (و) يراد به (معنى المعرفة) ومن أمثلة ذلك قوله تعالى: (لَا تَعْلَمُهُمْ نَحْنُ نَعْلَمُهُمْ) [التوبة: ١٠١].

وتطلق المعرفة (ويراد بها) العلم، ومنه قوله تعالى: (مِمَّا عَرَفُوا مِنَ الْحَقِّ) [المائدة: ٨٣] أي علموا.

(و) يراد العلم أيضا (بظن) يعني أن الظن يطلق ويراد به العلم، ومنه قوله تعالى: (الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلَاقُو رَبِّهِمْ) [البقرة: ٤٦] أي يعلمون).

فظهر من هذا أن العلم ليس خاصا بالقطعيات كما ذكر الشيخ، وأنه يطلق ويراد


(١) وسوف يأتي بإذن الله مناقشة قضية المجاز وبيان الصواب فيها.

<<  <   >  >>