ثم ذكر عن هؤلاء المنافقين أنَّهم في حالهم هذا لا ينتظرون إلا الساعة أن تأتيهم بغتة وقد جاءتهم أشراطها وعلاماتها فلن تنفعهم ذكراهم.
ثم قال لرسول الله - صلى الله عليه وسلم (فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ) الآية، وهذا السياق مؤذن بأن المنافقين كانوا في نفاقهم معوقين للرسالة مستهزئين بالرسول - صلى الله عليه وسلم - وبما جاء به من الهدى -شأنهم في ذلك شأن المشركين المعاندين المستكبرين الذين ذكروا في آية سورة غافر- وأن المؤمنين هم المستعدون لقبول الهداية، وهم الذين تنفعهم الذكرى إذا ذكروا.
فأمر الله تعالى رسوله عليه الصلاة والسلام بعلم ما يعلمه من توحيده وانفراده تعالى بالربوبية، ووجوب تفريده بالعبودبة تيئيس له - صلى الله عليه وسلم - من هؤلاء المنافقين الذين طبع الله على قلوبهم وأمر له بالتطهر من أن يسمع لقولهم أو يصغى إلى استهزائهم وسخريتهم.
ولذلك أمر بالاستغفار لما سمى ذنباً مسنداً إليه باعتبار ما يشغل قلبه الطاهر لو لم ينصرف عنهم وييأس منهم.
وطلب منه الاستغفار للمؤمنين المهتدين الذين يزيدهم الهدى هدى وتقوى تشريكاً معه - صلى الله عليه وسلم - في استغفاره لنفسه تشريفاً لهم وتنويهاً بمقامهم من الإيمان.
* * *
[دلالته في آية سورة الفتح]
أما الآية الثالثة -وهي آية سورة الفتح- فقد افتتحت بها أعظم نعمة مَنَّ الله تعالى بها على نبيه - صلى الله عليه وسلم -، تلك النعمة هي البشرى بالفتح المبين، والبشرى بالتطهير الدائم للنبي - صلى الله عليه وسلم - من كل ما كان يعتريه من الضيق والضجر في سبيل تبليغ رسالته لأن هذا الفتح المبين كان أساساً لإتمام النعمة عليه - صلى الله عليه وسلم -، وهدايته الدائمة إلى الصراط المستقيم، ونصر الله له نصراً